من إحدى التحديات التي نواجهها في زمن الكرونا، وبالخصوص في المجتمعات التي تتخذ اجراءات وقائية مثل منع الإجتماعات والأنشطة أو تحديد عدد المشاركين وتحديد أعمار المشاركين في الأنشطة، هي كيفية الاستمرار في برامج التنمية الروحانية للشباب الناشيء. كثير من الأنشطة بدأت باستخدام وسائل التواصل الإجتماعي وقنوات التواصل الإفتراضي للإستمرار في توفير هذه البرامج لأطفالنا وشبابنا. وكما هو الحال، فإن أي مرحلة جديدة تحمل معها تحديات جديدة، فإن من إحدى التحديات التي تواجهنا عند استخدام قنوات التواصل الإفتراضي مع الأطفال والشباب الناشيء هي أنهم يشعرون بالملل أو بعدم الرغبة بالمشاركة في هذه البرامج . فعلى سبيل المثال، يشعر الشباب الناشيء بالملل في أن يقرؤوا القصة، ثم يناقشوا الأسئلة، ثم يقوموا بالمشاركة في الفضاء الإفتراضي الإلكتروني في بقية أنشطة البرنامج. وقد يصبح هذا التحدي من احد العراقل التي تمنع من تشكيل مجموعات جديدة في برنامج الشباب الناشيء، وبالأخص تشكيل المجموعة الأولى التي تبدأ مشوارها أول ما تبدأ بكتاب نسائم التأييد. فاختلاف مستوى الأطفال في قدراتهم على القراءة باللغة الأم وكذلك اختلاف مستوى الأطفال في قدراتهم على القراءة بلغة أخرى كاللغة الإنجليزية قد يصبح عائقا أمام تشكيل المجموعات في الفضاء الإفتراضي. من جهة أخرى، قد لايملك كثير من أسر الشباب الناشيء الوقت الكافي للدراسة مع أطفالهم. يهدف هذا الفيديو الذي يتضمن صورة مرئية من كل صفحة متزامنا مع القراءة صوتية لكتاب نسائم التأييد إلى تسهيل مهمة التدريس على قنوات التواصل الإفتراضي. فقد يستطيع الأطفال الاستماع إلى الوحدة المطلوبة قبل موعد الدرس، وقد يستطيع الأهل مساعدة أطفالهم على القراءة من خلال الاستماع أولا ومن ثم القراءة بأنفسهم قبل موعد الدرس على قنوات التواصل الافتراضي. كما أن هناك أطفال يستطيعون التحدث باللغة العربية ويفهموا اللغة جيدا ولكنهم لا يجيدون قراءتها، وبالتالي يستطيع هؤلاء الأطفال الاستفادة من هذا الفيديو الذي يضمن قراءة صوتية لكتاب نسائم التأييد لمساعدتهم بالالتحاق بالمجموعات التي تتشكل حول عامل اللغة العربية، فمثلا تكون القراءة والكتابة والحوار باللغة العربية. وهكذا يستطيع الشاب الناشيء أن يشارك في هذه المجموعة ويستخدم فقط اللغة الثانية التي يكتب بها، كالإنجليزية لكتابة الأجوبة
من إحدى التحديات التي نواجهها في زمن الكرونا، وبالخصوص في المجتمعات التي تتخذ اجراءات وقائية مثل منع الإجتماعات والأنشطة أو تحديد عدد المشاركين وتحديد أعمار المشاركين في الأنشطة، هي كيفية الاستمرار في برامج التنمية الروحانية للشباب الناشيء. كثير من الأنشطة بدأت باستخدام وسائل التواصل الإجتماعي وقنوات التواصل الإفتراضي للإستمرار في توفير هذه البرامج لأطفالنا وشبابنا. وكما هو الحال، فإن أي مرحلة جديدة تحمل معها تحديات جديدة، فإن من إحدى التحديات التي تواجهنا عند استخدام قنوات التواصل الإفتراضي مع الأطفال والشباب الناشيء هي أنهم يشعرون بالملل أو بعدم الرغبة بالمشاركة في هذه البرامج . فعلى سبيل المثال، يشعر الشباب الناشيء بالملل في أن يقرؤوا القصة، ثم يناقشوا الأسئلة، ثم يقوموا بالمشاركة في الفضاء الإفتراضي الإلكتروني في بقية أنشطة البرنامج. وقد يصبح هذا التحدي من احد العراقل التي تمنع من تشكيل مجموعات جديدة في برنامج الشباب الناشيء، وبالأخص تشكيل المجموعة الأولى التي تبدأ مشوارها أول ما تبدأ بكتاب نسائم التأييد. فاختلاف مستوى الأطفال في قدراتهم على القراءة باللغة الأم وكذلك اختلاف مستوى الأطفال في قدراتهم على القراءة بلغة أخرى كاللغة الإنجليزية قد يصبح عائقا أمام تشكيل المجموعات في الفضاء الإفتراضي. من جهة أخرى، قد لايملك كثير من أسر الشباب الناشيء الوقت الكافي للدراسة مع أطفالهم. يهدف هذا الفيديو الذي يتضمن صورة مرئية من كل صفحة متزامنا مع القراءة صوتية لكتاب نسائم التأييد إلى تسهيل مهمة التدريس على قنوات التواصل الإفتراضي. فقد يستطيع الأطفال الاستماع إلى الوحدة المطلوبة قبل موعد الدرس، وقد يستطيع الأهل مساعدة أطفالهم على القراءة من خلال الاستماع أولا ومن ثم القراءة بأنفسهم قبل موعد الدرس على قنوات التواصل الافتراضي. كما أن هناك أطفال يستطيعون التحدث باللغة العربية ويفهموا اللغة جيدا ولكنهم لا يجيدون قراءتها، وبالتالي يستطيع هؤلاء الأطفال الاستفادة من هذا الفيديو الذي يضمن قراءة صوتية لكتاب نسائم التأييد لمساعدتهم بالالتحاق بالمجموعات التي تتشكل حول عامل اللغة العربية، فمثلا تكون القراءة والكتابة والحوار باللغة العربية. وهكذا يستطيع الشاب الناشيء أن يشارك في هذه المجموعة ويستخدم فقط اللغة الثانية التي يكتب بها، كالإنجليزية لكتابة الأجوبة
0 Comments
يا محبوبي في قلبي، تسكن ليل نهار في قلبي، عشقك يحرقني في قلبي، أناديك وأناجيك يا محبوبي تمنيت أن أملأ لك المكان بعبير الورد تمنيت أن أملأ لك المكان بالعطر تمنيت أن أملأ لك المكان بالجمال يا محبوبي ليتني كنت وردا أفديك بعبيري ليتني كنت وردا أفديك بعطري ليتني كنت وردا أفديك بجمالي يا محبوبي تمنيت أن أسعد عينيك بمظاهر الجمال تمنيت أن أسعد يديك بملمس الجمال تمنيت أن أسعد مشامك بعبير الجمال يا محبوبي تمنيت لو كنت وردا في يديك أسعد قلبك أسعد عينيك أسعدك يا محبوبي يا محبوبي في قلبي شوق لقاءك في قلبي انتظر نداءك في قلبي أتمنى رضاءك يا محبوبي تمنيت أن أكون وردا أبهجك تمنيت أن أكون جمالا أبهجك تمنيت أن أكون عبيرا أبهجك يا محبوبي ما أنا ورد وما أنا جمال ما أنا سوى تراب بلا جمال أستغفرك لأني لست وردا يا محبوبي ليتك تمنح هذا التراب رضاك ليتك تباركه بأقدامك ليتك تقبله ترابا لعتبتك يا محبوبي أستغفرك لأني لست وردا أستغفرك لأني لست جمالا أستغفرك لأني لست عبيرا يا محبوبي تراب أنا تحب أقدامك محبوبي عاشق أنا تحت أقدامك محبوبي مشتاق أنا تحت أقدامك محبوبي يا محبوبي لست وردا ولست عبيرا ولست جمالا لست سوى تراب يفديك ويعشقك أستغفرك من ذلي ومن عجزي ومن فقري يا محبوبي بعشقي سأملأ لك الأرض جمالا باشتياقي سأملأ لك الأرض عبيرا بولهي سأملأ لك الأرض عطرا يا محبوبي محروم أنا من أسعدك بجمالي لست وردا ولست عبيرا ولست جمالا لست سوى تراب يفديك ويعشقك يا محبوبي بعد اعلان دعوته وقبل استشهاده، احتفل حضرة الباب خمس مرات بعيد النيروز. وقد كان لهذا العيد مكانة عظيمة عنده. ويعتبرالنيروز أول يوم من شهر البهاء، في التقويم البهائي. فسمّى حضرة الباب أول شهر في السنة البهائية التي تتكون من تسعة عشر شهرا باسم محبوبه حضرة بهاءالله، ويبدأ شهر البهاء بالنيروز. ونسب حضرة بهاءالله هذا الشهر إلى نفسه المقدسة وتفضل في كتاب الأقدس”طوبى لمن فاز باليوم الاوّل من شهر البهآء الّذي جعله الله لهذا الاسم العظيم. طوبى لمن يظهر فيه نعمة الله على نفسه انّه ممّن اظهر شكر الله بفعله المدلّ على فضله الّذي احاط العالمين. قل انّه لصدر الشّهور ومبدئها وفيه تمرّ نفحة الحيوة على الممكنات طوبى لمن ادركه بالرّوح والرّيحان نشهد انّه من الفآئزين” (فقرة 111). في عيد النيروز عام 1909 كان حضرة عبدالبهاء حاضرا في جبل الكرمل وفي هذا النيروز وصل حضرة الباب إلى مقره بعد ستين عاما. وتظهر أحداث التاريخ في كتاب مطالع الأنوار، بأن الباب كان يحب أن يشارك بهجة النيروز ويحتفل هذا العيد مع أحبابه قضى حضرة الباب أول وثاني نيروز بعد إعلان دعوته مع زوجته ووالدته وأهله في شيراز بعد أن كفله خاله في بيته. بعد النيروزالثاني نفي حضرة الباب من شيراز وكان هذا الوداع الأخير بينه وبين أمه وبينه وبين زوجته. فلم يرهما أبدا بعد ذلك اليوم. أما النيروزالثالث فقد احتفل به حضرة الباب في كاشان بينما كان حضرته يقتاد إلى سجن ماه كو في جبال آذربايجان النائية . ولأهمية هذا العيدعنده فقد قرر الباب التوقف لثلاث أيام في كاشان للاحتفال بالنيروز مع أصحابه المؤمنين. وعند قدوم النيروز في السنة الرابعة بعدإعلان دعوته ، كان حضرة الباب سجينا في سجن ماه كو. في أول يوم العيد وصل الملا حسين إلى سجن ماه كو ليحتفل بالنيروز مع حبيبه الباب، وكان الباب ينتظره بشوق عند بوابة السجن ومد ذراعيه واحتضن الملاحسين بكل شوق. كان هذا آخر لقاء بين الملاحسين و الباب إذ استشهد الملاحسين في أحداث قلعة الشيخ طبرسي بعد ستة أشهر من لقائه بالباب. ولكن عندما حان موعد النيروز الخامس بعد إعلان دعوته، كان الباب وحيدا فريدا مظلوما سجينا في قلعة چهريق وقد استشهد الملاحسين والقدوس وكثير من أصحابه فيالأحداث الدامية لقلعة الشيخ طبرسي. وأخذه الحزن على شأن أسكت صوته وأوقف قلمه. ولمدة تسعة أيام رفض أن يقابل أحد ا من أصحابه وكان يرفض ما يقدم له من الطعام والشراب ولا يمسه. كانت الدموع تنهمر من عينيه باستمرار وتنطق شفتاه بعبارات الحزن والاسى دون انقطاع. وللنيروز السادس والأخير قبل استشهاده، طلب حضرة الباب من أحد المؤمنين الذي كان يلقب بالسياح، بأن يذهب إلى قلعة الشيخ طبرسي بألواح الزيارة التي دونها في ذكرى شهداء قلعة الشيخ طبرسي وأمره أن يزور تلك البقعة نيابة عنه وحفزه قائلا: أحضر لي قبضة من ذلك التراب المقدس الذي يغطي بقايا أجساد حبيبي القدوس والملاحسين ليكون تذكارا لزيارتك واجتهد أن ترجع قبل يوم النوروز حتى نحتفل سويا بهذا العيد وهوالعيد الوحيد الذي ربما لن أحضر خلفه في هذا العالم. وهكذا احتفل الباب بالنيروز السادس والأخير بعد اعلان دعوته يرافقه ”التراب المقدس” لبقايا أجساد أحبابه من كتاب مطالع الأنوار 1845 بعد اعلان الباب لدعوته لحروف الحي، وعودته من سفر الحج الى بوشهر، أرسل حسين خان اليرواني حاكم فارس الملقب أجودان باشي إلى بوشهر خييالة من حرسه الخاص وأعطاهم أوامر مشددة للقبض على حضرة الباب وتكبيله وإحضاره إلى شيراز.وعاد حضرة الباب إلى منزله وأمضى ردحا من الزمن بعيشة هادئة مع أسرته وأقربائه وفي تلك الايام احتفل بأول عيد للنوروز منذ إعلانه دعوته. وقد صادف ذلك العيد في تلك السنة اليوم العاشر من شهر ربيع الأول سنة 1261: 1845 1846 وفي النوروز التالي لدعوة حضرة الباب الذي صادف 21 ربيع الاول سنة 1262:1846 كان حضرة الباب ما يزال في شيراز متمتعا ببعض الراحة والسكون مع أسرته وأهله. واحتفل بهدوء بعيد النيروز في منزله، وحسب عادته أنعم على والدته وزوجته بمحبته وفضله . وبحكمة نصائحه ولطف محبته، فرح قلبيهما وأزال همومهما وأوصى بجميع ممتلكاته لهما وسجلها باسميهما. وفي كتاب وصيته قرر بأن منزله وأثاثه وباقي أملاكه تكون ملكا لوالدته وزوجته، وعند وفاة الاولى يرجع نصيبها إلى زوجته 1847 في صيف 1262: 1846 ودع حضرة الباب موطنه في شيراز وسافر إلى إصفهان وبعد أيام قليلة من وفاة المعتمد في اصفهان، وفاته حصلت في شهر ربيع الاول سنة 1263: 1847أصدر أمرا ملكيا بدعوة حضرة الباب إلى العاصمة . في ليلة اليوم الذي سبق وصول حضرة الباب إلى كاشان، كان الحاج ميرزا جاني قد رأى في المنام كأنه واقف عصرا في ساعة متأخرة على بوابة العطار، إحدى بوابات المدينة، إذ رأت عيناه فجأة حضرة الباب راكبا جواده وعلى رأسه "كله" بدل العمامة التي اعتاد لبسها، وكان في حراسته من الامام والخلف عدد من الخيالة يبدو أنه سلم إلى عهدتهم، وإذ اقترب من البوابة حيياه حضرة الباب قائلا: سوف نكون ضيوفا عليك مدة ثلاث ليال فاستعد للقائنا وفي الساعة المعينة بينما كان يمعن النظر في الافق شاهد عن بعد، مجموعة من الخيالة تتقدم نحو بوابة المدينة. ولما أسرع للقائهم ميزت عيناه حضرة الباب محاطا بحرسه وهم بنفس الملبس والهيئة التي رآهم بها في الرؤيا، فاقترب منه الحاج ميرزا جاني بفرح وانحنى ليقبل ركابه، فمنعه حضرة الباب وقال: ‘سنكون ضيوفك مدة ثلاث ليال. وغد ا هو يوم النوروز فسنحتفل به سويا في منزلك. فطلب الحاج جاني أن يسمح له بدفع مصاريف بقاء الخيالة لثلاثة أيام في كاشان، ولكن حضرة الباب قال له: هذا غير ضروري ولولا إرادتي ما كان يمكن إقناعهم بأن يسلموني ليديك، فكل شيء موكول إلى قبضة قدرته ولن يستحيل عليه شيء فهو يزيل كل صعوبة ويتغلب على كل مانع 1848 من كاشان سيق الباب سجينا الى سجن ماه كو في جبال اذربايجان. وقد توصل الملا حسين سرا إلى المثول أمام حضرة بهاءالله، وبعد التحدث معه قام إلى آذربيجان. وفي الليلة السابقة على وصوله إلى ماه كو التي كانت في عشية النوروز ووافق في سنة 1848: 1264 رأى علي خان رؤيا، قال: رأيت كأني أخبرت فجأة بعزم محمد رسول الله على المجيء إلى ماه كو وأنه سوف يحضر إلى القلعة ليزور الباب وليهنئه بمجيء عيد النوروز. وجعلت هذه الحادثة الغريبة علي خان يشعر باحترام زائد في مسلكه نحو حضرة الباب، وأصبح يقينه في صحة الامر وقوته أعظم من ذي قبل. وبخشوع تام تبع الملا حسين إلى أن وصلوا إلى بوابة القلعة. وما كادت عينا الملاحسين تقع على وجه سيده الذي كان واقفا على عتبة البوابة حتى وقف فجأة وانحنى أمامه ومكث بجانبه دون حراك. فمد حضرة الباب ذراعيه وعانقه بكل شوق. وأمسك بيده واصطحبه إلى غرفته. ثم دعا أحباءه إلى محضره واحتفل معهم بعيد النوروز. وقدمت أطباق الحلوى والفاكهة المميزة أمامه وبعد مرور عشرين يوما على النوروز، ودع حضرة الباب أهالي ماه كو الذين عرفوا إلى درجة كبيرة قوة شخصيته العظيمة وسموأخلاقه أثناء الاشهر التسعة التي قضاها في الحبس. وكان الملا حسين الذي غادر ماه كو بأمر حضرة الباب لا يزال في تبريز، إذ سمع بأخبار نقل مولاه إلى چهريق كما سبق وتنبأ به حضرته. وقتل الملا حسين في اكتوبر 1848 في قلعة الشيخ طبرسي 1849 وفي يوم النوروز سنة 1265: 1849 أشار القدوس في رسالة موجهة لاصحابه بقرب مجيء امتحانات تجلب في أثرها استشهاد جماعة كبيرة من أصدقائه . وكان وقوع هذه الحادثة من الفظاعة بمكان حتى إن حضرة الباب في حبسه في قلعة چهريق كان غير قادر على الكتابة أو الاملاء مدة ستة أشهر. فحزنه العميق الذي شعر به أوقف صوت الوحي وأسكت قلمه طوال هذ لمدة. فكم كان يندب هذا الفقدان الجسيم وكم كان ضجيجه عندما كانت تتلى عليه وتتمثل أمام عينيه قصة الحصار وما قاساه الاصحاب من الالام المبرحة وخداع الاعداء لهم وذبح المؤمنين جملة واحدة في قلعة الشيخ الطبرسي ان أخبار مصير أبطال قلعة الطبرسي المفجع قد جلبت الحزن العميق لقلب حضرة الباب. وأخذه الحزن على شأن أسكت صوته وأوقف قلمه. ولمدة تسعة أيام رفض أن يقابل أحد ا من أصحابه وكان يرفض ما يقدم له من الطعام والشراب ولا يمسه. كانت الدموع تنهمر من عينيه باستمرار وتنطق شفتاه بعبارات الحزن والاسى دون انقطاع 1850 وبحلول محرم سنة 1266 : نوفمبر 1849، عاد حضرة الباب إلى عمله الذي اضطر لتعطيله. وأول صحيفة كتبها بعد ذلك خصصها لذكرى الملا حسين ففي لوح الزيارة الذي أنزله تكريما له امتدح بعبارات مؤثرة أمانته ووفاءه وخدماته للقدوس في كافة مراحل حصار قلعة الطبرسي، وأطنب في مراثيه في مدح شهامة سلوكه وتعداد مآثره وتأكيد اجتماعه في العالم الاخر برئيسه الذي خدمه بنبل وأمانة. وكتب أنه نفسه سوف يلحق هذين التوأمين الخالدين اللذين أنارا دين الله بضياء أبدي سواء في حياتهما أو مماتهما. واستمر يكتب مدة أسبوع كامل في مديح وفضائل القدوس والملاحسين وأصحابه الآخرين الذين تتوجوا بتاج الشهادة في قلعة الشيخ طبرسي. وما كاد يتمم مراثيه حتى استدعى السياح وائتمنه بألواح الزيارة التي دونها في ذكرى شهداء قلعة الشيخ طبرسي وأمره أن يزور تلك البقعة نيابة عنه وحفزه قائلا: أحضر لي قبضة من ذلك التراب المقدس الذي يغطي بقايا أجساد حبيبي القدوس والملاحسين ليكون تذكارا لزيارتك واجتهد أن ترجع قبل يوم النوروز حتى نحتفل سويا بهذا العيد وهوالعيد الوحيد الذي ربما لن أحضر خلفه في هذا العالم يمكن الاستماع إلى القراءة الصوتية لكتاب مطالع الأنوار تاريخ نبيل على اليوتيوب من هذا الرابط يحتوي هذا الرابط على الفصل الأول- الخامس عشر https://youtu.be/kXV8mZinyZY ويحتوي هذا الرابط على الفصل السادس عشر - الواحد والعشرون https://youtu.be/IzQZCkHyG3Y ويحتوي هذا الرابط على الفصل الثاني والعشرون- السادس والعشرون https://youtu.be/2kCioxrdcT8 يمكن تنزيل كتاب مطالع الأنوار تاريخ نبيل من هذا الرابط https://www.bahaidentity.com/ereferences يمكن تنزيل ملف القراءة الصوتية لكتاب مطالع الأنوار تاريخ نبيل من هذا الرابط https://drive.google.com/drive/folders/1wF9eg4CA1SGE3T4PJWxJamCBqqmqwYNg يمكن تنزيل ملف القراءة الصوتية لكتاب مطالع الأنوار تاريخ نبيل من هذا الرابط http://www.mediafire.com/folder/l7c6w409os2nq/DawnBreakers-تاريخ_نبيل هذا رابط قناة صفحة الهوية البهائية على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCsz06wzSgzdMaIVy-mKrGjQ تبدأ صفحة الهوية البهائية في عامها السادس من انطلاقتها، بتقديم ملفات قراءة صوتية لكتب وقصص وحكايات مختارة يسهل تنزيلها في الهاتف النقال أو الكمبيوتر لتسهيل عملية الاستماع إليها. يستطيع أولياء الأمور الاستفادة من هذه الملفات الصوتية ليستمع إليها الأطفال عند قيامهم بأي نشاط من الأنشطة اليومية كالرسم مثلا، وكذلك يمكن للأطفال الاستماع إلى هذه القصص عند وقت النوم. يرجى ملاحظة عناوين الملفات (الكتب) لاختيار الملف الذي يتناسب وعمر الطفل. فبعض القصص تناسب الأطفال الصغار والناشئة معا، وبعضها الآخر تناسب الناشئة فقط. سيتم اضافة قصص جديدة في كل اسبوع إلى الملف الأصلي، لذا يمكن لأولياء الأمور مراجعة هذا الملف بين كل فترة وأخرى. كما أنه يمكن تنزيلملفات القصص والحكايات إن رغب الأطفال في قراءة القصص بالتزامن مع استماعهم لها ستحتفل صفحة الهوية البهائية في أغسطس 2019 بمرور ستة أعوام 2013 - 2019 على تدشينها. كان عمر طفلي عندها أربع سنوات وثلاث أشهر. وهو الآن في العاشرة من عمره خلال هذه السنوات الست ، وصل عدد متابعي صفحة الهوية البهائية على الفيسبوك إلى خمسمائة شخص. وبمناسبة مرور ستة أعوام على تدشين صفحة الهوية البهائية، يسعدني أن أنشر مواضيع هذه الصفحة على هيئة كتيب يسهل طباعته كتيب الهوية البهائية من الجدير بالذكر أن صفحة الهوية البهائية هي صفحة شخصية تدار من قبل فرد بهائي و هي لا تمثل المركز العالمي البهائي. وكذلك الحال بالنسبة لكتيب الهوية البهائية حيث أنها فقط تجميع لمواضيع صفحة الهوية البهائية في هيئة كتيب يسهل طباعته لمن يرغب في ذلك عندما نشرت صفحة الهوية البهائية، كان عمر ابني عندها 1500 يوما، والآن، ما عدت اعد الأيام بل السنوات ما أسرع ما يكبر الأطفال! رحلتنا ستستمر مع اطفالنا، و لكنهم بعد أن كانوا اطفالا سيسرعون الخطى صوب مرحلة الشباب تعتبر المرحلة العمرية بين الثانية عشرة والخامسة عشر من أهم المراحل العمرية التي سيمر بها أطفالنا، ومن الحكمة أن يطور كل والدين من ذاتيتهما بحيثية تتوافق واحتياجات طفلهما في هذه المرحلة ليكونا قادرين على احتوائه والسير معه يدا بيد في دربه صوب البلوغ. أغلبنا قد سمع وقد تعرف عن قرب على برامج الناشئة ضمن منهاج روحي المتخصصة لهذه الفئة العمرية والتي تهدف إلى مرافقة الناشئ في رحلته من الطفولة صوب البلوغ خطوة بخطوة ليس فقط لتحميه من وحشته ووحدته وخوفه وحيرته واحساسه بالضياع بل لتساعده على صقل مشاعره وقولبة افكاره ولغته وأعماله وتشعره بقدسية كينونته الانسانية وتعرفه على ذاتيته الروحانية. أغلبنا قد سمع عن هذه البرامج، وقد يشعرنا هذا بالاطمئنان على مصير اطفالنا عند وصولهم لهذه المرحلة العمرية لأنا واثقين بأن هناك مجموعة لا بأس بها من المتدربين على برنامج الناشئين سيلتقي بهم طفلي او طفلك وسيحتووه في رحلته المصيرية صوب البلوغ طفلي مازال في الثامنة من عمره، ولست قلقة من وصوله إلى سن الثانية عشرة بمثل قلقي عليه الآن وهو في مرحلة طفولته. وغالبا مثل أكثر أفراد المجتمع أشعر أن مرحلة سن الناشئة تحتاج إلى ناسها، وبأنني لا أملك من المؤهلات الضرورية للتعامل مع احتياجات هذه المرحلة العمرية. وهكذا من جهة أشعر بالارتياح والاطمئنان بأن طفلي عندما سيصل إلى الثانية عشر من عمره سيجد في مجموعات روحي للناشئة خارطة طريقه صوب مرحلة البلوغ، ومن جهة أخرى أشعر بأني أقوم بوظيفتي الإجتماعية والروحانية عندما أخبر عن منهاج روحي للناشئين كل والدين يبحثان عن حل ينقذان به طفلهما الناشئ من ضياعه في دروب هذه المرحلة العمرية، وأساعدها في ايجاد هذه المجموعة أو تلك المجموعة إن أحبا لطفلهما أن يلتحق بمنهاج روحي للناشئة. خلاصة القول، لم أجد يوما في نفسي الشجاعة أو الكفاءة لأمشي مع طفل ناشئ رحلته صوب البلوغ، أخاف الفشل. هذه ليست حكايتي فقط، بل إنها حكاية معظم الناس التي نلتقي بهم، وقد تكون حكايتك أيضا، ولهذا ارتأيت أن أشارك بتجربتي هذه هنا، لأن خوفي من الفشل، واحساسي بعدم قدرتي على التعامل بحكمة مع احتياجات الطفل الناشئ في هذه المرحلة العمرية الحرجة والمهمة جدا في تاريخه الانساني قد أشلاني لفترة طويلة من الزمن في خلال احدى زياراتي الاجتماعية، أخبرتني والدة طفلة في الثانية عشرة من عمرها ، والدمع في عينيها والخوف يهز نبرات صوتها، عن عمق قلقها على ابنتها وخوفها وعدم قدرتها على التواصل مع ابنتها. أخبرتني عن صديقات السوء، أخبرتني عن الانترنت ، عن هذا الوحش الكاسر السري الذي يسرق من ابنتها طفولتها، عن المدنية المادية التي تسحب إلى جوفها ابنتها فتجعلها تطلب وتطلب وتطلب مثل تنين شره لا يطفئ ناره شيئا، عن كل الغضب الذي ينفجر براكينا وبراكينا من ابنتها، عن بكائها ويأسها واحساسها بلا جدوية ما تفعله صدمني هذا الحوار المفتوح الصريح الواضح عن مرحلة عمرية بقيت اتحاشاها وكأني بتحاشيها سانجح بالغائها من حياة طفلي ومن حياة كل اطفال العالم. وبقيت أتحاشاها وكأني بتحاشيها سأمحو من ذاكرتي خوفي من فشلي باحتواء احتياجات طفل ناشئ لا يعرف خطورة ما ينتظره خلال رحلته هذه. صدمني أكثر ما صدمني، أني لم أكن قادرة على أن انصح هذه الأم بارسال ابنتها إلى إحدى مجموعات الناشئين التي تتبع منهج روحي للناشئين، إذ لم ينوجد أي من هذه المجموعات في منطقتها أوفي المناطق المجاورة لمنطقتها. والصدمة التي لحقت هذه الصدمة كانت إنني فشلت أن أضع مثل النعامة رأسي في الحفرة ، فهذه الطفلة مازالت تحتاج إلى من يمشي الدرب معها، وشعرت أن انسانيتي لن تسمح لي بأن اتركها في خوفها رغم أني كنت بنفسي خائفة. وصدمني سماع صوتي أعرض على الأم أن تبدأ معي (انا الخائفة، الغير مؤهلة، الغير واثقة من قدرتي على احتواء احتياجات طفل في هذه المرحلة العمرية)، أن تبدأ معي ابنتها برنامج روحي للناشئين. فرحبت الأم بهذا الاقتراح ترحيبا شديدا ، ولخوفها من أن ترفض ابنتها هذه الفكرة إن جاء الاقتراح من قبل أمها، ترجتني أن أتحدث مع ابنتها واخبرها عن برنامج روحي للناشئين وان ادعوها للالتحاق بهذا البرنامج. وصدمني اقتراح الأم، فبعد أن اخبرتني ما اخبرتني به عن مدى صعوبة التعامل مع ابنتها ومدى عصبية ابنتها ومدى غضبها من كل ما يحيط بها، كيف أجد الشجاعة (انا الخائفة، الغير مؤهلة، الغير واثقة من قدرتي على احتواء احتياجات طفل في هذه المرحلة العمرية) من التحدث مع ابنتها. كنت أفضل أن اقف خلف المدفع وليس أمامه. ووافقت على رجائها ووعدتها بأني سأتحدث مع ابنتها في زيارتي القادمة لهم خلال أسبوع وقضيت الأسبوع بأكمله في الدعاء، شعرت بالخوف أكثر وأكثر، ماذا لو رفضتني هذه الطفلة الناشئة، ماذا لو تفوهتُ بكلمة لا تتناسب وقواميسها في هذه المرحلة العمرية، خوفي لم يكن من رفضها من أجل نفسي، بل من أجلها، كنت أعلم بأني لا أملك إلا فرصة واحدة معها، فهذا ما أخبرتني به أمها عنها، قالت: إن رفضت شيئا أو لم يعجبها لن يغير رأيها أحد، هي فرصة واحدة فقط تمنحها لأي شئ ولأي انسان. ولذا كنت خائفة من أخسر فرصتي معها فتخسر هي فرصتها في ايجاد من يحتويها ويشعرها بالأمان في هذه المرحلة العمرية الحرجة من رحلتها صوب البلوغ. كانت أقوى مني في قدرتها على رفضي وكنت أقوى منها في عمق حبي لها. ولكن كلينا كنا مكبلتين بالخوف، هي خوفها من أشياء أنا لا أعرفها، وأنا خوفي من عدم قدرتي على احتواء مخاوفها و احتياجاتها وجاء اليوم الموعود، كان موعدي معها ظهرا، وبقيت ادعو وادعو إلى أن وجدتها واقفة أمامي. هذه الطفلة الجميلة، هذه الفتاة الجميلة، هذه البراءة، هذه الحيرة، هذا الجمال، وشعرت بشوقي لها أقوى من خوفي منها ( خوفي من نفسي ومن عدم كفاءتي). ولم أقل شيئا، فقط حضنتها وحضنتها ، شعرت باشتياقي لها وبحبي لها، ولما لا، فقد احتلت تفكيري أسبوع بأكمله، ادعو لها وأحضر من الكلمات ما يناسب قواميسها. ونسيت كل الكلمات، وجدتها تستجيب لمحبتي ولدفء مشاعري اتجاهها ولصدق عاطفتي لها، فحضنتني وكأنها تعرفني منذ الأزل. كم كان جميل هذا الالتقاء الروحاني بين قلبينا، وكأنها كانت تنتظرني، وكأني وجدتها بعدما أضعتها منذ زمن. فجلسنا وقلت لها عن منهج روحي لبرنامج الناشئين، وقبل أن انتهي من جملتي، أبدت بموافقتها ورغبتها في الالتحاق بهذا البرنامج مازلت اعلم جيدا ، أنني في مشواري هذا وكأنني أمشي على قشر الموز مع طفلتي الناشئة، ففي أية لحظة قد اسقط من سماها، وفي كل مرة قبل أن ألتقيها ادعو وادعو من أجل أن أنجح في احتوائها في آخر لقاء لنا بينما كنا نقرأ مع بعض "نسائم التأييد"، الكتاب الأول في منهاج روحي للناشئين ، تحدثنا عن العلاقة بين أفراد الأسرة وعن المحبة، فقالت شيئا مازال يرن صداه في قلبي، قالت: عندما أتحدث، فإن صوتي وكلماتي لا تصل إلى أذن أمي، دائما يصلها شيء آخر، شيء أنا لم أقله ولم أعنيه ولم أقصده، وكأن في أذن أمي آلة تترجم لها صوتي وكلماتي على هواها، ودائما هواها يكون نقيض ما قلته أنا". فسألتها وقلبي يخفق خوفا من سؤالي " وهل لهذا أصبحت صامته، لا تتحدثين مع أحد أبدا؟" فقالت "نعم". عندها أحسست وكأنني أشاهد معجزة سماوية أمام عيني، أن تتحدث معي هذه الطفلة الناشئة عن أعمق أسرارها في لقائنا الثاني، وتكسر حاجز صمتها بينها وبين الآخرين لتتحرك صوبي متخطية حاجزها الذي يحميها والذي يشعرها أيضا بقوتها، فصمتها رفض للآخر الذي لا يفهمها وفي رفضها تمارس قوتها ثم سألتها سؤال آخر دون أن أعرف إلى أين يقودني هذا الحوار المشوق معها " هل عندك صديقات؟" ، فقالت "نعم، صديقة واحدة فقط في المدرسة". فسألتها " وهل تخبرين صديقتك بتساؤلاتك ، أو بأفكارك أو بما قلته الآن لي؟" فقالت " لا". وهنا توقف قلبي عن الخفقان من شدة شعوري بالخوف، مرة أخرى هذا الخوف الذي بقي يلازمني من البداية( خوفي من نفسي ومن عدم كفاءتي)، هاهي تكسر حاجز وحدتها وتتحرك صوبي وتمسك بيدي وتثق بأن أحتويها في وحدتها وصمتها وتمردها وغضبها. ولرغبتي أن أتعلم المشي معها في رحلتها العمرية هذه صوب مرحلة البلوغ، أحتاج إلى أن أتعرف أكثر وأكثر على خصائص واحتياجات الأطفال الناشئين في هذه المرحلة العمرية، وربما سيزول خوفي من عدم كفاءتي إن استمعت اليهم وإلى كلماتهم ولم أضع في أذني آلة تترجم كلماتهم إلى نقيضها كما هو الحال مع أمها وفي معظم الأوقات معنا نحن البالغون الناضجون أيضا وشجعني حديثها فاحببت أن أتعرف عن قرب على حديث صمتها الذي لم تخبره أحدا، حتى صديقتها، فطلبت منها أن تكتب لي ثلاث من الأسئلة التي تؤرقها وتتمنى أن تجد أجوبة لها. وكانت هذه أسئلتها " هل تتجسس الحكومة علينا؟ والسؤال الثاني : كل شيء وأي شيء يحدث في حياتي هل هو حقا مقدّر له الحدوث؟ والسؤال الثالث : لكل شيء وأي شيء في حياتي أتساءل إن هو مفيد لصحتي؟ السؤال الرابع : في مواقف مأساوية أو جدية أو مواقف انسانية لا تستدعي الضحك أبدا: لماذا يجد الناس هذا الموقف (الغير مضحك) مضحكا، مثلما عندما يقع احدهم على الأرض وبدلا من أن يساعدوه ، يضحكون عليه؟ والسؤال الخامس: لماذا تحاول أمي أن تتحكم بي، لماذا لا أستطيع أن أكون حرة؟" . من يصدق أنا الخائفة من عدم كفاءتي لاحتواء احتياجات المرحلة العمرية للشباب الناشئ أجد نفسي أمام هذه الأسئلة الوجودية المصيرية لطفلة مازلت في الثانية عشر من عمرها. طفلة تسأل عن القدر وعن الحرية وعن الأخلاقيات وعن ماهو مفيد لصحتها (الجسمية والروحية والإجتماعية و... ). وهي تنتظر مني أن أرشدها، أن أحتويها، أن أساعدها كي تتوصل إلى الحقيقة، إلى المعرفة، إلى الاطمئنان، إلى الأمان، إلى الشعور بأن كلماتها تسمع مثلما هي دون أن تتغير معانيها او تترجم مفاهيمها. أيهما سيرسمان مجرى الأحداث القادمة، احتياجات هذه الطفلة أم خوفي وعدم ثقتي بنفسي؟ ماذا لو كان هذا طفلي ؟ طفلك؟ هذه الفتاة هي مرآة لجميع الأطفال الناشئين الذي يمدون بأيديهم إلينا ويتحدثون الينا في صمتهم، وينتظرون ويتشوقون لتلك اللحظة التي نحضنهم فيها. هذا طفلي. هذا طفلك يتفضل حضرة بهاءالله كن في النّعمة منفقًا، وفي فقدها شاكرًا، وفي الحقوق أمينًا، وفي الوجه طلقًا، وللفقراء كنزًا، وللأغنياء ناصحًا، وللمنادي مجيبًا، وفي الوعد وفيًّا، وفي الأمور منصفًا، وفي الجمع صامتًا، وفي القضاء عادلاً، وللإنسان خاضعًا، وفي الظّلمة سراجًا، وللمهموم فرجًا، وللظمآن بحرًا، وللمكروب ملجًا، وللمظلوم ناصرًا وعضدًا وظهرًا، وفي الأعمال متّقيًا، وللغريب وطنًا، وللمريض شفاءً، وللمستجير حصنًا، وللضّرير بصرًا، ولمن ضلّ صراطًا، ولوجه الصّدق جمالاً، ولهيكل الأمانة طرازًا، ولبيت الأخلاق عرشًا، ولجسد العالم روحًا، ولجنود العدل رايةً، ولأفق الخير نورًا، وللأرض الطّيبة رذاذًا، ولبحر العلم فلكًا، ولسماء الكرم نجمًا، ولرأس الحكمة إكليلاً من المثبت علميا أن الأطفال يتعلمون الكثير من السلوكيات الإيجابية أو السلبية في جميع مراحلهم العمرية من خلال اللعب. يتعلم الطفل هذه السلوكيات من خلال اللألعاب الفردية التي يستطيع أن يلعبها مع نفسه ولا يحتاج إلى مشاركة طفل آخر معه مثل اللعب بالسيارة أو اللعب بالمكعبات الخشبية لبناء جسر أو بيت. ويتعلم الطفل هذه السلوكيات أيضا من خلال الألعاب الجماعية التي يحتاج أن يتشارك بها مع طفل آخر مثل لعبة كرة القدم، أو الألعاب الجماعية الأخرى. ما يتعلمه الطفل من خلال اللعب يكون فضاءا شاسعا من الإحتمالات اللانهائية التي تساهم في تشكيل هويته وقدراته وأفكاره وشخصيته. يعتبر اللعب أهم نافذه تربوية ينظر من خلالها الطفل إلى العالم الخارجي الذي يحيط به، ومن خلال هذه النافذة يعكس الطفل مفاهيمه عن هذا العالم الذي يعيش فيه كما يكوّن أيضا مفاهيمه من خلال هذه النافذة. وبالتالي يكوّن الطفل ويعكس من خلال اللعب سلوكياته وانطباعاته حول كيفية التعامل والتعايش مع ما يحيط به ي هذه البيئة التي تحتوي وجوديته الإحتماليات التي تحدد نحوية لعب الطفل تتلخص في احتماليتين: الأول هي احتمالية اللعب الحر حيث يترك فيه للطفل حيزا شاسعا يتعلم فيه بحرية مهارات حياتية من خلال تنمية نفسه وقدراته و اكتشاف ما حوله عن طريق اللعب والتخيل دون أي تدخل من الوالدين. هنا يولج الطفل بمخيلته في عوالم غير مرئية لا يستطيع الوالدان تحديد كنهيتها لأنها مرتبطه بمخيلة الطفل وقدراته و ملكاته. أما الثاني فهي احتمالية اللعب المحدد وهذا نوع من الألعاب التي تكون مبرمجة صوب تحقيق نتيجة معينة والوصول إلى هدف مخطط له مسبقا كأن يتعلم الطفل صفة المشاركة والتعاون مع الأطفال الآخرين. عندما يختار الوالدان هذا النوع من اللعب فعندئذ يكون هذا اللعب لعبا مراقبا ومحددا في كل حيثياته من أجل الوصول إلى النتيجة التربوية المرجوة. بطبيعة الحال، غالبا ما تتداخل هاتين الإحتماليتين في البرمجة وتحديد الحيز أو اللعب الحر وعدم تحديد الحيز مع بعضهما البعض بحسب احتياجات الطفل لتنمية مهاراته البدنية والعقلية والسلوكية والروحانية والعاطفية في مراحله العمرية المختلفة يعتبر لعبة الشطرنج من الألعاب التي تقع ضمن قائمة الألعاب المحددة، بمعنى أن الطفل يحتاج إلى من يعلمه مبادئ اللعبة بالإضافة إلى وجود هدف او أهداف تربوية يرجو الوالدان تربية طفلهما عليها من خلال هذه اللعبة. السؤال الذي يحتاج الوالدان إلى أن يجدا جوابا عليها هي كنهية الأهداف التربوية التي يرجوان تحقيقها من خلال تعليم هذه اللعبة لطفلهما. كما يحتاجان أيضا إلى معرفة كنهية الطاقات والقدرات التي يرغبان بتنميتها في طفلهما من خلال تعليمه لعبة الشطرنج . للعبة الشطرنج فوائد كثيرة لا تحصى، أبسطها أن يتعلم الطفل ملكة التفكير الشمولي، حيث يحتاج إلى أن يقرأ الواقع الذي يحيط بعناصر لعبته من أبعاده الكلية بدلا من التركيز على عنصر واحد فقط والظروف المحيطة به. كما يتعلم الطفل أيضا من لعبة الشطرنج ملكة التحليل والتخطيط والتنفيذ ولكن ماالذي يتعلمه الطفل أول ما يتعلمه في لعبة الشطرنج؟ ما هو المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه هذه اللعبة؟ أليس هو مبدأ البقاء للأصلح، ومبدأ القتل من أجل البقاء، ومبدأ اخذ حيز الآخر وممتلكاته قبل أن يدخل حيزي ويستولي على ممتلكاتي؟ ألا تتمركز لعبة الشطرنج على العنف والقتل والتخطيط والتفكير من أجل التدمير ؟ إن كانت هذه هي السلوكيات التي يتعلمها الطفل من هذه اللعبة، فلماذا إذن يحتار الوالدان عندما يختار طفلهما في مستقبل حياته مبدأ العنف والتدمير ورفض الآخر؟ لا يستطيع الوالدان أن يربيا طفلهما على مبدأ العنف ثم ينتظران منه المحبة والسلام. فإن غرس الوالدان شجرة تفاح، فسيكون الثمر تفاحا وليس برتقالا. ومع أن المبدأ الأساسي الذي يرتكز عليه لعبة الشطرنج يتمحور حول القتل والتدمير، إلا أن هذا لا يلغي الملكات التي يتعلمها الطفل من خلال هذه اللعبة وأهمها ملكة التحليل والتخطيط والتنفيذ يستطيع الوالدان استخدام لعبة الشطرنج من أجل تغريس الهوية البهائية في وجودية طفلهما بدلا من مفاهيم القتل والتدمير من خلال تغيير المركزية ، فبدلا من ان ترتكز اللعبة على مبدأ أنا ضد الآخر العدو، ترتكز اللعبة على مبدأ التطور الروحاني للفرد ضد العراقيل التي قد تبطئ من عملية التطور الروحاني. تتكون رقعة الشطرنج من 32 قطعة، أي يستطيع الطفل في كل مرة يلعب بها لعبة الشطرنج أن يتعلم 16 فضيلة وملكة روحانية ، ويتعلم بالمقابل 16 من التحديات التي تواجهها هذه الفضائل والملكات والتي يجب عليه أن يتخطاها من أجل تطوره روحانيا. بطبيعة الحال يحتاج الوالدان في البداية الى بذل كثير من الوقت لتوضيح مفاهيم الفضائل الروحانية التي يختارانها كي يتعلمها طفلهما من خلال لعبة الشطرنج، ولكن مع مرور الوقت يصبح للوالدين مخزونا جاهزا من الملكات الروحانية والتحديات التي يحتاج الفرد أن يتخطاها كي يتطور روحانيا في امتلاكه لهذه الملكة. يتفضل حضرة بهاءالله " كن في النّعمة منفقًا، وفي فقدها شاكرًا، وفي الحقوق أمينًا، وفي الوجه طلقًا، وللفقراء كنزًا، وللأغنياء ناصحًا، وللمنادي مجيبًا، وفي الوعد وفيًّا، وفي الأمور منصفًا، وفي الجمع صامتًا، وفي القضاء عادلاً، وللإنسان خاضعًا، وفي الظّلمة سراجًا، وللمهموم فرجًا، وللظمآن بحرًا، وللمكروب ملجًا، وللمظلوم ناصرًا وعضدًا وظهرًا، وفي الأعمال متّقيًا، وللغريب وطنًا، وللمريض شفاءً، وللمستجير حصنًا، وللضّرير بصرًا، ولمن ضلّ صراطًا، ولوجه الصّدق جمالاً، ولهيكل الأمانة طرازًا، ولبيت الأخلاق عرشًا، ولجسد العالم روحًا، ولجنود العدل رايةً، ولأفق الخير نورًا، وللأرض الطّيبة رذاذًا، ولبحر العلم فلكًا، ولسماء الكرم نجمًا، ولرأس الحكمة إكليلاً" . يستطيع الوالدان مثلا غرس الملكات الروحانية التي ذكرها حضرة بهاءالله في هذا النص المبارك وهي أكثر من 16 ملكة روحانية منها : الإنفاق في النعمة، الشكر عند فقد النعمة، الأمانة، البشاشة والسرور، العطاء والكرم، الكلمة الطيبة والإخلاص في النصيحة، مساعدة المحتاج، الوفاء، الإنصاف، الصمت ، العدل ، الخضوع ، الهداية، التقوى، الإحتواء والمحبة أما التحديات التي تواجه كل ملكة من الملكات التي ذكرت هنا فهي الصفة النقيضة التي يحتاج الفرد الى أن يحاول جاهدا التخلص من شراكها، فعلى سبيل المثال: الإنفاق في النعمة نقيضها البخل والأنانية وحب الذات. الشكر عند فقد النعمة نقيضها العويل والبكاء وعدم الرضاء بإرادة الله واليأس والحسد ، الأمانة نقيضها الخيانة والسرقة والخداع ، البشاشة والسرور نقيضهما الحزن والغضب وعدم الرضاء والكراهية ، العطاء والكرم نقيضهما البخل وحب الذات والأنانية. وهكذا تواجه كل فضيلة ملكوتية تحديا من نقيضها، فإما أن ينتصر الفرد على ضعفه الدنيوى ويرتقي روحانيا أو أن تتحكم به قوى النفس والهوى وعندها يحتاج إلى معاودة الكرة مرة تلو الأخرى بالإضافة إلى الارتكان على قوى روحانية أخرى يمتلكها للانتصار على ضعفه الدنيوي والنجاح في الارتقاء روحانيا وحيث أن من قوانين لعبة الشطرنج البدأ باللون الأبيض، لذا يستطيع الوالدان استخدام اللون الأبيض للملكات الروحانية، واللون الأسود للتحديات والعراقيل التي تواجه الملكات الروحانية. فعلى سبيل المثال، يحرك الطفل الفيل الأبيض ويقول أنا ملكة الإنفاق، وفي مقابل هذه الحركة مثلا يحرك الوالد أو الوالدة الحصان الأسود ممثلا البخل وحب الذات ويقول (لا لا تنفق مالك على الآخرين، ستصبح فقيرا مسكينا ولن يساعدك أحد)، ثم يحرك الطفل القلعة ويقول أنا ملكة البشاشة، فيحرك الوالد أو الوالدة في مقابل هذه الحركة الوزير الأسود ممثلا الحزن والغضب ويقول ( لماذا البشاشة والسرور وأنت فقير، وهذا الشخص قد أهانك ) و هكذا... شيئا فشيئا يتعرف الطفل من خلال لعبة الشطرنج إلى فضاء لا نهائي من الملكات الروحانية وسيتعرف على التحديات الدنيوية التي تواجه الفرد عندما يحاول الإرتقاء بنفسه . وهكذا يتحول الشطرنج من لعبة ترتكز على القتل والتدمير إلى لعبة ترتكز على تخطي التحديات الدنيوية من أجل اكتساب الملكات والفضائل الروحانية. وبطبيعة الحال، سينتصر الأسود في إحدى المرات وسينتصر الأبيض في مرات أخرى، وهنا يستطيع الوالدان أن يقولا لطفلهما إن انتصر الأسود: ربما في اللعبة القادمة ستتمكن هذه الملكة الروحانية من الإنتصار أخيرا على القوى الدنيوية التي تمكنت منها في هذه اللعبة
إن هذا المظلوم في جميع الأحوال من الشدة والرخاء والعزة والعذاب أمر الكل بالمحبة والوداد والشفقة والإتحاد
|
THIS IS FAITH
To walk where there is no path To breathe where there is no air To see where there is no light – This is Faith. To cry out in the silence, The silence of the night, And hearing no echo believe And believe again and again – This is Faith. To hold pebbles and see jewels To raise sticks and see forests To smile with weeping eyes – This is Faith. To say: “God, I believe” when others deny, “I hear” when there is no answer, “I see” though naught is seen – This is Faith. And the fierce love in the heart, The savage love that cries Hidden Thou art yet there! Veil Thy face and mute Thy tongue Yet I see and hear Thee, Love, Beat me down to the bare earth, Yet I rise and love Thee, Love! This is Faith. |
|
يشرع الوالدان في تربية طفلهما على منهجية الإيمان منذ اللحظات الأولى من ولادته، ويتخذ الإيمان في أحيان كثيرة أشكالا متعددة لا نهاية ولا حصر لها. من إحدى مظاهر الإيمان أن يهدف الوالدان من خلال تربية طفلهما على الإيمان، تقوية صلته بخالقه وحفظه وحمايته من شرور الدنيا. وتختلف مظاهر الإيمان من ثقافة لأخرى ومن دين لآخر، ولكن غالبا ما تؤمن كل مجموعة على حدة بأن منهجية الإيمان التي تتبعها هي الطريقة المثلى في كيفية وجوب الإيمان. من أهم الأسئلة التي يحتاج كل والدين أن يبحثا عن جوابٍ لها قبل أن يشرعا في تربية طفلهما على الإيمان أينما كانت نوعية هذا الإيمان ، هي: ماهي ثمار هذا الإيمان، وكيف سيستفيد منها طفلي في دروب حياته، وكيف ستكون حياته دون إيمان؟ يرتكز الوالدان في أغلب المجتمعات البشرية منذ بداية الزمان على تكبيل الطفل في اتباع منهجيات الإيمان التي يتبعانها دون الإهتمام بالتدقيق في ثمار هذا الإيمان. فعلى سبيل المثال، يربي الوالدان طفلهما على الإيمان بأن أصله ونشأته حيوانية وأنه كان قردا قبل أن يكون انساناً. هذا منهج ايماني تتبعه مجموعة من البشر، وليس الحديث هنا عن صحة هذه المنهجية أو عدم صحتها، بل السؤال هو: ترى ما هي الثمار المنتظرة من هذا الإيمان، وكيف سيستفيد طفلي في دروب حياته من ايمانه بأنه كان قردا حيوانا، وكيف ستكون حياته إن كفر بهذا الإيمان واعتقد بأنه انسان خُلق " في أحسن تقويم"؟ وعلى سبيل المثال، عندما يربي الوالدان طفلهما على الإيمان بتكفير كل من لا يشاركه العقيدة، فيجب عليهما أن يتساءلا: ما هي الثمار المنتظرة من هذا الإيمان، وكيف سيستفيد الطفل في دروب حياته من إيمانه بكفر الآخرين، وكيف ستكون حياته إن اعتقد العكس وكفر بهذا الإيمان؟ قبل أن ينشأ الوالدان في تربية طفلهما على منهجية الإيمان، من المستحسن أن يتفكرا في نتائج وثمار هذا الإيمان في حياة طفلهما والآثار الفردية والإجتماعية المترتبة عليه
تفضل حضرة عبد البهاء الكلمات التاليه فى لوح له مؤرخ 2 اذار / مارس 1911 مخاطبا السيده مى ماكسويل عندما كانت مارى (روحية خانم حرم حضرة شوقي رباني ولي الأمر) لم تتجاوز السبعة اشهر من عمرها :"فى حديقه الحياة تفتحت وردة جميله عطرة، عليك ان تربيها تربية الهيه حتى تصبح بهائيه حقيقيه ، وجاهدى حتى يصلها روح القدس ." تقدير وعرفان لأمة البهاء روحية خانم- ص 6. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما هي ثمار هذه التربية الإيمانية؟ إن رغب الوالدان على تربية طفلهما حتى يصبح بهائيا حقيقيا، يجب عليهما بداية أن يتعرفا على نتائج وثمار هذا الإيمان في حياة طفلهما. على الوالدين أن يتعمقا في آثار هذا الإيمان على الحياة الفردية لطفلهما في تكوين ذاتيته ووجوديته من جهة ، وعلى حياته وشخصيته العامة كعضو في المجتمع الإنساني من جهة أخرى. فترى ما هي نتائج وثمار هذا الإيمان؟ يهتم الوالدان بصحة الطفل الجسدية منذ اللحظات الأولى من تكوين النطفة في رحم الأم. فتبدأ الأم بنظام غذائي صحي يتناسب واحتياجات النطفة في مراحل نموها إلى أن تصبح طفلا كاملا سالما في عالم الرحم. وبعد تسعة أشهر، عندما يخرج هذا الطفل من عالم الرحم الضيق إلى هذا العالم الواسع، يبدأ الوالدان باتباع نظام غذائي صحي جديد يتناسب واحتياجات الطفل في مراحل نموه المختلفة. ويهتم الوالدان في كل مرحلة من هذه المراحل العمرية، منذ تلك اللحظة التي تكونت فيها هذه النطفة الصغيرة وإلى تلك اللحظة التي تتحول هذه النطفة كي تصبح شابا يافعا، في ايجاد واتباع افضل نظام غذائي متكامل يستفيد منها أولا وأخيرا طفلهما. فعلى سبيل المثال، تشرب الأم الحليب في شهور الحمل لأن جل ما تهتم به هو أن يستفيد جنينها من الكالسيوم لتقوىة بنيته العظمية. لا تشرب الأم الحليب لتقوية بنيتها العظمية بل تهتم وتواظب بشرب الحليب لتقوية البنية العظمية لطفلها. ولكن يختلف الحال عندما يشرع الوالدان في اختيار المنهجية الإيمانية التي يرغبان في تربية طفلهما عليها. ففي النظام الغذائي، يختار الوالدان ما يفيد طفلهما أولا وأخيرا، بينما في منهجية الإيمان، يختار معظم الوالدين ما يفيدهما من حيث أن تتوافق المنظومة الإيمانية مع منظومتهما من جهة وأن تتوافق من جهة أخرى مع المنظومة الإيمانية العامة للمجتمع الذي يتواجدان فيه دون التوقف ولو للحظات قليلة للتفكر إن كان هذا ما يستفيد منه طفلهما، وفيما إذا كانت هذه المنظومة الإيمانية تفيد حقا طفلهما، وإن كانت تفيده، فكيف؟ تنقسم الثمار من حيث نوعيتها إلى ثمار فردية خاصة وثمار إجتماعية عامة
يتفضل حضرة بهاءالله في لوح الأحمد " لا تنس فضلی في غيبتي ثمّ ذكر ايّامی في ايّامك". فعلى المستوى الفردي، من إحدى ثمار هذه التربية الإيمانية أن ينشأ الطفل على فضيلة الشكر، وعلى صفة الصبر. الشكر لنعمة يحصل عليها والصبر لنعمة حرم منها ففي كلتي الحالتين يتذكر حضرة بهاءالله وفضله. فإن منح نعمة، يعلم بأن حصوله على هذه النعمة ليست استحقاقا بل ما هي الا كرم إلهي، فيشكر الله على نعمته ولا يصاب بالغرور. وإن حرم من نعمةٍ، يعلم بأن الله تعالى منحه نعماً أخرى كثيرة تستحق منه الشكر والتقدير وإن حرم من هذه النعمة. ويعلم بأن عليه الصبر والتوكل والرضاء بإرادة الله . ويعلم بأن عليه أن يتذكر الله في السراء وفي الضراء. عندما يربي الوالدان طفلهما على هذه الخاصية الإيمانية، فهما ينشآنه على قوة ذاتية تحفظ له كينونته من أعاصير الإمتحانات التي تمتلأ بها هذا العالم الدنيوي. وتعتبر " ذكر أيامي في أيامك " من إحدى أهم الخصائص الإيمانية التي ستحمي الطفل في جميع مراحله العمرية من خلال ثقته بمحبة الله له ووقوفه بجانبه ولو كان في أحلك لحظات حياته او كان يمشي دربه وحيدا فريدا مظلوما. وقد يكون الشعر التالى بعنوان " هذا هو الايمان " الذى كتبته السيده مارى ماكسويل (روحية خانم حرم حضرة شوقي رباني ولي الأمر) فى الرابع من شهر نيسان من عام 1954م أبلغ وصف لما نتحدث عنه هنا عن ثمار الإيمان
تمشى حيث لا طريق
وتنسم حيث لا هواء
وتبصر حيث لا ضياء
هذا هو الايمان
تصيح فى سكون الليل
ويذهب الصياح أدراج الرياح
ولا يأتيك ترديد الصدى
وتوقن ، ثم توقن ، ثم توقن
هذا هو الايمان
تمسك بالحصى وتراه جوهر
وتعهد بالحطب وتراه أخضر
وتبسم الشفاه وعين تدمع
هذا هو الايمان
تقول " آمنت يا رباه "
وسط انكار البشر
" قد سمعت "
وقت فقدان الخبر
" قد رأيت "
رغم غشيان البصر
هذا هو الايمان
يضرم فى الحشا عشق شرس
يمزق الفؤاد إذ يصيح
قد لا أراك إنما أنت هناك
إخف وجهك يامحبوب أو أمسك لسانك
لكن محياك بعيني ، والأذن سامعة بك
إن تصرع عبدك يا محبوب تطرحه الثرى
سأقوم يا محبوب عن رقدي يحركنى الجوى
هذا هو الايمان
تقدير وعرفان لأمة البهاء روحية خانم - ص 20
وكما ينشد الوالدان تقوية ذاتية طفلهما في كينونته الفردية لحفظه من تلاطم أمواج بحر الحياة، يرغب كل أب وأم بأن يتربى وينمو ويعيش طفلهما حرا سعيدا آمنا في المجتمع الذي يحيط به ومن خلال أواصر علاقاته مع أفراده. فيما يلي بعض من ثمار التربية الإيمانية البهائية، إن ربى كل والدين طفلهما تربية إلهية حتى يصبح بهائيا حقيقيا
من مبادئ الدّين البهائيّ وحدة الجنس البشريّ. الاتّحاد هدف بعيد المدى أنهجتنا سبيله الأديان منذ القدم، فوطّدت أركان الأسرة، فالقبيلة، فدولة المدينة، فالأمّة، وعملت على تطوير الإنسان من البداوة إلى الحضارة، وتوسيع نطاق مجتمعه بالتئام شعوب متنابذة في أمّة متماسكة، إعدادًا ليوم فيه يلتقي البشر جميعًا تحت لواء العدل والسّلام في ظلّ وهدي الحقّ جلّ جلاله
ومن مبادئ الدّين البهائيّ ضرورة توافق العلم والدّين. بالعلم والدّين تميّز الإنسان على سائر المخلوقات، وفيهما يكمن سرّ سلطانه، ومنهما انبثق النّور الّذي هداه إلى حيث هو اليوم، وما زالا يمدّانه بالرّؤية نحو المستقبل. العلم والدّين سبيلان للمعرفة. فالعلم يمثل ما اكتشفه عقل الإنسان من القوانين الّتي سنّها الخالق لتسيير هذا الكون، وأداته في ذلك الاستقراء: فيبدأ بالجزئيّات ليصل إلى حكم الكلّيّات. والدّين هو ما أبلغنا الخالق من شئون هذا الكون، ونهجه في تفصيل ذلك هو الاستنتاج: استنباط حكم الجزئيّات من الكلّيّات. فكلاهما طريق صحيح إلى المعرفة، ويكمّل أحدهما الآخر، ولعلّ اختلاف الدّين عن العلم ناتج عن فساد أسلوب مِراسنا، لأنّهما وجهان لحقيقة واحدة
ومن مبادئ الدّين البهائيّ نبذ جميع التّعصّبات. فالتّعصّبات أفكار ومعتقدات نسلّم بصحتها ونتّخذها أساسًا لأحكامنا، مع رفض أي دليل يثبت خطأها أو غلوّها، وعلى هذا تكون التّعصّبات جهالة من مخلّفات العصبيّة القبليّة. وأكثر ما يعتمد عليه التّعصب هو التّمسك بالمألوف وخشية الجديد، لمجرد أن قبوله يتطلّب تعديلاً في القيم والمعايير الّتي نبني عليها أحكامنا. فالتّعصّب نوع من الهروب، ورفض لمواجهة الواقع. بهذا المعنى، التّعصب أيّا كان جنسيًّا أو عنصريًّا أو سياسيًّا أو عرقيًّا أو مذهبيًّا، هو شرّ يقوّض أركان الحقّ ويفسد المعرفة، بقدر ما يدعّم قوى الظّلم ويزيد سيطرة حريّته قوى الجهل. وبقدر ما للمرء من تعصّب يضيق نطاق تفكيره وتنعدم حرّيّته في الحكم الصّحيح. ولولا هذه التعصّبات لما عرف الناس كثيرًا من الحروب والاضطهادات والانقسامات. ولا زال هذا الدّاء ينخر في هيكل المجتمع الإنسانيّ، ويسبّب الحزازات والأحقاد الّتي تفصم عرى المحبّة والوداد. إنّ البهائية بإصرارها على ضرورة القضاء على التّعصّب، إنّما تحرِّر الإنسان من نقيصة مستحكمة، وتبرز دوره في إحقاق الحقّ وأهمّية تحلّيه بخصال العدل والنّزاهة والإنصاف
ومن مبادئ الدّين البهائيّ تحقيق التّضامن الاجتماعيّ. لقد كان وما زال العوز داء يهدّد السّعادة البشريّة والاستقرار الاجتماعيّ، ومن ثمّ توالت المحاولات للسّيطرة عليه. وإن صادف بعضها نجاحًا محدودًا، إلاّ أنّ الفقر قد طال أمده واستشرى خطره في وقتنا الحاضر، وهو أقوى عامل يعوّق جهود الإصلاح والتّنمية في أكثر المجتمعات
ومن مبادئ الدّين البهائيّ المساواة في الحقوق والواجبات بين الرّجال والنّساء. لا تفترق ملكات المرأة الرّوحانيّة وقدراتها الفكريّة والعقليّة، وهما جوهر الإنسان، عمّا أوتي الرّجل منهما. فالمرأة والرّجل سواء في كثير من الصّفات الإنسانيّة، وقد كان خَلْقُ البشر على صورة ومثال الخالق، لا فرق في ذلك بين امرأة ورجل. وليس التّماثل الكامل بين الجنسين في وظائفهما العضويّة شرطًا لتكافئهما، طالما أنّ علّة المساواة هي اشتراكهما في الخصائص الجوهريّة، لا الصّفات العرضيّة. إنّ تقديم الرّجل على المرأة في السّابق كان لأسباب اجتماعيّة وظروق بيئيّة لم يعد لهما وجود في الحياة الحاضرة. ولا دليل على أنّ الله يفرّق بين الرّجل والمرأة من حيث الإخلاص في عبوديّته والامتثال لأوامره؛ فإذا كانا متساويين في ثواب وعقاب الآخرة، فَلِمَ لا يتساويان في الحقوق والواجبات إزاء أمور الدّنيا؟ المساواة بين الجنسين هي قانون عام من قوانين الوجود، حيث لا يوجد امتياز جوهريّ لجنس على آخر، لا على مستوى الحيوان، ولا على مستوى النّبات. والظّنّ قديمًا بعدم كفاءة المرأة ليس إلاّ شبهة مرجعها الجهل وتفوّق الرّجل في قواه العضليّة. عدم اشتراك المرأة في الماضي اشتراكًا متكافئًا مع الرّجل في شئون الحياة، لم يكن أمرًا أملته طبيعتها بقدر ما برّره نقص تعليمها وقلّة مرانها، وأعباء عائلتها، وعزوفها عن النّزال والقتال. أمّا وقد فُتحت اليوم أبواب التّعليم أمام المرأة، وأتيح لها مجال الخبرة بمساواة مع الرّجل، وتهيّأت الوسائل لإعانتها في رعاية أسرتها، وأضحى السّلام بين الدّول والشّعوب ضرورة تقتضيها المحافظة على المصالح الحيويّة للجنس البشريّ، لم يعد هناك لزوم لإبقاء امتياز الرّجل بعد زوال علّته وانقضاء دواعيه. إنّ تحقيق المساواة بين عضوي المجتمع البشريّ يتيح الاستفادة التّامة من خصائصهما المتكاملة، ويسرع بالتّقدم الاجتماعيّ والسّياسيّ، ويضاعف فرص الجنس البشريّ لبلوغ السّعادة والرّفاهيّة
ومن مبادئ الدّين البهائيّ إيجاد نظام يحقق الشّروط الضّروريّة لاتّحاد البشر. وبناء هذا الاتّحاد يقتضي دعامة سندها العدل لا القوّة، وتقوم على التّعاون لا التّنافس، وغايتها تحقيق المصالح الجوهريّة لعموم البشر، ويكون نتاجها عصرًا يجمع بين الرّخاء والنّبوغ على نحو لم تعرفه البشريّة إلى يومنا هذا. وقد فصّل بهاء الله أُسس هذا النّظم البديع في رسائله إلى ملوك ورؤساء دول العالم في عصره، أمثال ناﭘﻠﻴﻮن الثّالث، والملكة ﭭكتوريا، وناصر الدّين شاه، ونيقولا الأوّل، وبسمارك، وقداسة البابا بيوس التّاسع، والسّلطان عبد الحميد، فدعاهم للعمل متعاضدين على تخليص البشريّة من لعنة الحروب وتجنيبها نكبات المنافسات العقيمة. قوبل هذا النّظم العالمي آنذاك بالاستنكار لمخالفته لكلّ ما كان متعارفًا عليه في العلاقات بين الدّول. لكن أصبحت المبادئ الّتي أعلنها مألوفة، يراها الخبراء والمفكّرون اليوم من مسلّمات أيّ نظام عالميّ جاد في إعادة تنظيم العلاقات بين المجموعات البشريّة على نمط يحقّق ما أسلفنا ذكره من الغايات. ومن أركان هذا النّظم
نبذ الحروب كوسيلة لحلّ المشاكل والمنازعات بين الأمم، بما يستلزمه ذلك من تكوين محكمة دوليّة للنّظر فيما يطرأ من منازعات، وإعانة أطرافها للتّوصّل إلى حلول سلميّة عادلة
تأسيس مجلس تشريعيّ لحماية المصالح الحيويّة للبشر وسنّ قوانين لصون السّلام في العالم
تنظيم إشراف يمنع تكديس السّلاح بما يزيد عن حاجة الدّول لحفظ النّظام داخل حدودها
إنشاء قوّة دوليّة دائمة لفرض احترام القانون وردع أي أمّة عن استعمال القوّة لتنفيذ مآربها
إيجاد أو اختيار لغة عالميّة ثانويّة تأخذ مكانها إلى جانب اللّغات القوميّة تسهيلاً لتبادل الآراء، ونشرًا للثّقافة والمعرفة، وزيادة للتّفاهم والتّقارب بين الشّعوب
يتفضل حضرة بهاءالله
قد قُيـِّد جمال القدم لإطلاق العالم وحُبس في الحصن الأعظم لعتق العالمين واختار لنفسه الأحزان لسرور من في الأكوان هذا من رحمة ربّك الرحمن الرحيم. قد قبلنا الذلّة لعزّكم والشدائد لرخائكم يا ملأ الموحدين. إنّ الذي جاء لتعمير العالم قد أسكنه المشركون في أخرب البلاد
|
|
إِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الأُفُقُ الأَعْلَى خَالٍ مِنْ زُخْرُفِ الدُّنْيَا، وَلَكِنَّنَا تَرَكْنَا فِي خَزَائِنِ التَّوَكُّلِ وَالتَّفْوِيضِ مِيرَاثَاً مَرْغُوبَاً لاَ عِدْلَ لَهُ لِلْوَارِثِينَ
197حضرة بهاءالله، كتاب عهدي، ص
يتفضل حضرة بهاءالله في كتابُ عهدي " إِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الأُفُقُ الأَعْلَى خَالٍ مِنْ زُخْرُفِ الدُّنْيَا، وَلَكِنَّنَا تَرَكْنَا فِي خَزَائِنِ التَّوَكُّلِ وَالتَّفْوِيضِ مِيرَاثَاً مَرْغُوبَاً لاَ عِدْلَ لَهُ لِلْوَارِثِينَ". السؤال الذي لا يتركني ليلا ولا نهارا هو تُرى ما هو هذا الكنز القيّم الذي ورثتُه عن حضرة بهاءالله والأهم من هذا وَرَثَهُ أيضا طفلي معي؟ جميعنا نشئنا على أساطير علي بابا ومغارة الكنز التي ذاق الهلاك من أجل الوصول إليها، أغلبنا أيضا يبحث عن الكنز في أشكاله المتعددة المختلفة في كل شأن من شؤون حياتنا المادية، فالبعض يعتبر ربح إحدى الصفقات المعينة كنزا، والبعض الآخر يعتبر الحصول على وظيفة معينة كنزا، والبعض يعتبر الفوز في اليانصيب كنزا،والبعض الآخر يعتبر امتلاكه لسيارة معينة كنزا و... وتكثر الكنوز وإن اختلفت أشكالها. و أغلبنا مثل علي بابا ،الذي تشكلت عليه محاور مخيلتنا منذ الطفولة، نقضي سنين العمر نزحف من مغارة إلى أخرى بحثا عن الكنز الذي ينتظر وصولنا له
أجلس في غرفة خاوية ليست بها سوى هذا الصندوق الضخم المغلق الذي يقبع أمامي بكل صمتٍ منتظرا أن تمتد إليه أصابعي لتسبر أغواره وتكتشف خيراته. أتخيل بأن هذا صندوق الكنز الذي تركه لي، أورثه لي، حضرة بهاءالله، أكبر مني ومن الغرفة ومن البيت ومن الحارة ومن الكون الذي يحيط بي، أتخيله يحتويني ويحتوي الكون الذي يحيط بي. لم أفعل شيئا ملموسا في حياتي لأستحق هذا الميراث ، في الواقع لم أكن حتى ملاكا ولو ليوم واحد فقط من أيام عمري الدنيوي، ومع ذلك أورثني حضرة بهاءالله كنزه برحمته وفضله. وتتقاذف بي أمواج الشوق لفتح صندوق الكنز، هذا الصندوق الذي كان دوما أمامي ولم أفكر في فتحه. أشغلني دوما عنه بحثي في المغارات أملا في إيجاد كنز علي بابا، وأشغلني عنه ظني الخاطئ بأن الكنز إن كان كنزا فبالحتم سيكون مُخبئا في مكان لا مرئي وبعيد، مثلا في إحدى المغارات، ولم يخطر بذهني يوما أن هذا الصندوق الذي أراه يوميا أمام بصري، وألمسه بيدي، ويفوح عبقة في أرجاء المنزل، والذي لم أجده ولم أبحث عنه بل وجدني هو ولازمني دهرا من الزمان بصمت وجلال يراقب انشغالي اليومي في الزحف من مغارة إلى أخرى، لم يخطر بذهني يوما بأن هذا الصندوق يحتوي الكنز الذي أبحث عنه منذ بداية تاريخي
وأقبع لساعات وساعات وساعات أمام هذا الكنز المغلق عليه في صندوقه، وأحتار في كيفية فتح الصندوق. أنا على يقين الآن بأن هذا الصندوق يحتوي على كنزي، على ذلك الميراث الذي ورثته عن حضرة بهاءالله والذي وصف عظمته بقوله " لاَ عِدْلَ لَهُ لِلْوَارِثِينَ". ماذا يجب علي أن أفعله كي أصل إلى كنزي، إلى ميراثي، لم أفعل شيئا لأستحقه ولم أفعل شيئا لأرثه، في الواقع لم أكن حتى أنظر إليه رغم أنه كان يقبع أمامي سنوات وسنوات وسنوات وينتظرني بصبروجلال. ولكن هأنذا أمامه وهأنذا اكتشفته مـتأخرة دهرا من الزمان عن اكتشافه لوجوديتي ، ولكني لا أعرف كيف أفتحه وكيف أصل إلى تلك الخيرات التي " لاَ عِدْلَ لَهُ لِلْوَارِثِينَ". وأتذكر المُلاّ حسين البشروئي، فقد صام وصلى أربعين يوما كي يهديه الله إلى محبوبه حضرة الباب. ويخطر بفكري وأنا أبحث عن طريقة لفتح صندوق الكنز الذي ورثته عن حضرة بهاءالله: ربما يجب علي أنا أيضا أن أصلّي وأصوم أربعين يوما مثل المُلاّ حسين، فبعد الأربعين يوما التي قضاها الملاحسين في العبادة، لم يجد هو حضرة الباب، بل إن حضرة الباب قد ذهب بنفسه إليه ووجده. ورغم أنني أضعت دهرا من الزمان بحثا عن كنزي الذي كان دوما أمام عيني، إلا أنني أشعر بأن انتظاري أربعين يوما دون أن أصل إلى هذا الذي أورثني إياه حضرة بهاءالله هو شئ يفوق قدراتي الإنسانية على الصبر والتحمل
كل جزء من أركان وجودي يرتعش شوقا للوصول إلى ميراث حضرة بهاءالله، وقلبي لم يعد يستطيع الإنتظار. وتتلاطم بي أمواج الحيرة في بحر هائج لا استقرار به، أورثني حضرة بهاءالله هذا الميراث دون أي استحقاق مني، وقد كان هذا الكنز ينتظرني بجلاء أمام عيني تاريخا من الزمان مترقباً أن تنقشع الغشاوة من على بصيرتي فأراه في جلاله ، ولكن لماذا إذاً يصعب عليّ فتح الصندوق وكل شئ من حوله يشير إلى أنني ورثته فضلا وليس استحقاقا. أين المفتاح؟ كيف يمكنني أن أصل إلى هذا الميراث الذي ورثتُه فضلا وليس استحقاقا؟ أذهب إلى الغرفة المجاورة وأنظر إلى طفلي الذي كان يلعب مع ألعابه في إحدى الزوايا، ومازال السؤال يتردد كضربات المطرقة على رأسي المتحير: أين المفتاح؟ هل يعقل أن ينتظرني هذا الميراث عمري كله لأكتشفه دون أن يصاحبه إرشادات حول كيفية إيجاد المفتاح؟ وتتمدد ضربات المطرقة لتحتل أرجاء كياني هل حقا يجب أن أصوم وأصلي مثل الملا حسين أربعون يوما؟ إذ ربما عندها سيجدني المفتاح بالفضل وأصل إلى ميراثي الذي ورثتُه أيضا فضلاً وليس استحقاقاً. وآخذ بيد طفلي وأذهب معه إلى الغرفة التي بها ميراثي وميراثه، وكل جزء من أركان وجودي يرتعش شوقا، فهذا الميراث يخصه أيضا، وإن نجحت بالفضل في إيجاد المفتاح وفتح الصندوق فسأحميه العمر كله من بحثٍ عبثيٍ في مغارات علي بابا الخاوية
لم يعد الميراثُ ميراثي لوحدي، بل ميراث طفلي الذي أرغب أن أمنحه الكون بما فيه من جمالية الوجود. أجلس صامتة ويد طفلي في يدي أمام صندق ميراثنا الكنز من حضرة بهاءالله، وتتملكني فكرةٌ واحدة وهي أن أبدأ مشواري في البحث عن المفتاح بالصلاة والصيام أربعين يوما مثل الملاحسين، وكلّي أملٌ أنه بعد انتهاء هذه الفترة فإن المفتاح سيجدني بالفضل ولن ينتظرني كي أجده. ويأخذني ذاكرتي إلى كيفية لقاء حضرة الباب بالملاحسين، وبينما تتلاطم أمواج فكري في بحور الشوق والتصميم وإذا بي أتذكر ما تفضل به حضرة بهاءالله في كتاب الأقدس " اتلوا آيات الله في كلِّ صباحٍ ومساء"، فأبدأ مع طفلي بتلاوة الآيات الإلهية. أجلس بخشوع، أمسك يد طفلي في يدي، وأغمض عيناي وأتلو من الكلمات الإلهية ، ويتلو طفلي من بعدي، أفتح عيني، أنظر إلى طفلي ثم أنظر إلى صندوق ميراثنا الكنز، و أجده مفتوحا ينتظرني بشوق يفوق شوقي كي اكتشف ما " لاَ عِدْلَ لَهُ لِلْوَارِثِينَ" مع طفلي
يُخبرنا حضرة بهاءالله في وصيته المباركة كتابُ عهدي بأنه ترك لنا "مِيرَاثَاً مَرْغُوبَاً لاَ عِدْلَ لَهُ لِلْوَارِثِينَ". هناك كنز تركه لنا حضرة بهاءالله وهذا الكنز ليس مخبئ في مغارةٍ من المغارات ، وهو ليس فقط لفرد واحد دون سائر البشر. ولهذا السبب يتقمصني سؤالي ليلاً ونهاراً : تُرى ما هو هذا الكنز القيّم الذي ورثتُه عن حضرة بهاءالله والأهم من هذا ورثَهُ أيضا طفلي معي؟ كوالدين يرغب كلٌ منا أن يمنح الكون بما فيه من جمالية الوجود إلى طفله، فألا نرغب أن نكتشف هذا الميراث الكنز الذي تركه لنا حضرة بهاءالله كي نهبه لطفلنا الذي لا ندخر وسعاً لنمنحه الكون وما فيه؟ ولكن وبالرغم من أن حضرة بهاءالله يبشرنا بأن الكنز الذي تركه لنا لهو ميراث مرغوب " لاَ عِدْلَ لَهُ لِلْوَارِثِينَ" إلا أننا نتابع زحفنا الإدماني من مغارة إلى أخرى غافلين عن صندوق الكنز الذي نملكه بين أيدينا وما علينا سوى أن نفتحه
#7Bahais7yearsBaha'i Center - Öldugötu 2, Reykjavík
Posted by 7 dagar tileinkaðir 7 bahá'íum sem hafa setið inni í 7 ár on Friday, May 15, 2015
شهد اللّه انّه لا اله الّا هو العزيز المحبوب له الجود و
الفضل يُعطی من يشآء ما يشآء و انّه لهو القادر المقتدر المهيمن
القيّوم قل انّا امنّا بالّذی ظهر باسم علی من لدن سلطان حق
محمود و بالّذی يأتی فی المستغاث و بالّذی يأتی بعده اِلی آخر
الّذی لا آخر له و ما نشهد فی ظهورهم الّا ظهور اللّه و فی
بطونهم الّا بطونه ان انتم تعرفون و کلّهم مرايا اللّه بحيث لا
يُری فيهم الّا نفس اللّه و جماله و عزّ اللّه و بهائه لو
انتم تعقلون و ما سويهم مراياهم و هم مرايا الاوّليّه ان انتم
تفقهون ما سبقهم احد فی شیء و هم يسبقون قل لن ينتهی مرايا
القدم و کذلک مرايا جمالهم لأنّ فيض اللّه لن ينقطع و هذا صدق غير مکذوب
منتخبات من آثار حضرة بهاءالله ص 55
متى يبدأ الطفل في الإلتفات إلى وجودية طفل آخر بجانبه إو إلى ادراك كنهية لعبته بأنها ليست جزء من وجوديته؟ وماذا يفعل الوالدان اتجاه تنمية هذه الخاصية الإدراكية في طفلهما؟ حتى سن الثانية، يرى الطفل الآخرين ولكنه رغم ذلك لا يرى إلا نفسه، وهذه مرحلة مهمة جدا في نمو الطفل حيث يتعرف فيها إلى أعضاء جسمه، يديه ورجله ورأسه و... كما أنه يتعرف على رغباته مثل الجوع والعطش. في هذه المرحلة العمرية، يظن الطفل بأن اللعبة التي يمسكها بيديه هي في الواقع جزء من جسده، ولهذا يصعب عليه التخلي عن لعبته لطفل آخر، لأنه يظن أنه بذلك يفقد جزءا من جسده، ويصيبه هذا بحالة من الرعب. رويدا رويدا ينمو الطفل ويدرك بأن هذه اللعبة لاتعتبر جزءا لا تتجزأ من جسده، وتأخذ قدراته الإدراكية في النمو بحيث يستطيع أن يفصل بين وجوديته ووجودية الأشياء الأخرى. هنا وفي هذه المرحلة الزمنية يبدأ الطفل في رؤية وجودية طفل آخر بكنهية منفصلة عن كنهيته الذاتية. وتبدأ مظاهر الأنا وال(هو) ، ومظاهر الأنا والآخر بالبروز والتطور. وفي هذه المرحلة يبدأ الوالدان في تربيته على ملكة المشاركة، مشاركة لعبته مع الآخر، مع ال(هو) أو ال(هي). هذه اللعبة التي يدرك الآن بأنها ليست في الواقع أي جزء من حقيقة وجوديته. هذا التدرج الإداركي هو تدرج فطري يُصقل بالتربية وبالرعاية الروحانية من قِبل الوالدين
بالنظر إلى العالم الذي نعيشه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البشرية، يخيل للمرء بأن ساكني هذا الكوكب لم يتخطوا عمر الثانية في نموهم الإدراكي، فمازال الفرد يظن بأن ما يملكه من الدنيا عقيدةً كانت أو مادةً هي جزء لا تتجزأ من كنهية ذاتيته ومازال الفرد يفشل في رؤية وجودية الآخر الذي يشاركه الحيز في هذا العالم. ترى لما توقفت البشرية في نمو قدراتها الإدراكية إلى سن الثانية؟ ماذا نفعل لنساعد حضارتنا الإنسانية خارج هذه البوتقة العمرية الطفولية؟ ربما إن بدأنا بأطفالنا وساعدناهم في النمو التدريجي صوب المراحل اللاحقة من تطورهم العمري والإدراكي ربما حينها نستطيع أن ننقذ عالمنا من تداعيات جهلها الطفولي
Perhaps children are the only hope that humanity has in our current critical stage in life to change its destiny. In this chaotic world that we live in, sometimes we feel hopeless and helpless. We are surrounded by destruction and we don’t know from where we can start to build. If we build one bridge ten more are destroyed. We witness how darkness covers the surface of our Earth and we pray for the Sun to shine and we pray for its light and heat. Love, accepting others as well as accepting ourselves, is the light that we need, that our Earth needs, that the whole humanity needs. And it all starts in childhood, with our children. If we aim to save our world, then we need to teach our children to become the citizens, leaders and the healers that shine love and heat. Only then, peace and unity shall become a reality. The light of love and unity shall cover our entire Globe from West to East and North to South.
يساعد هذا النشاط في تربية الطفل على مفاهيم الحب والإحترام، المساواة والمشاركة. في البداية يقف مجموعة من الأطفال أمام جدار بحيثية يستطيع كل واحد منهم بمشاهدة ظله على الجدار. يشاهد الأطفال أن ظلالهم تتشابه مع بعضهم البعض، فلا يفرق بين ظل وظل دينٌ أو لونٌ أو لغةٌ أو...أي شئ آخر. ثم يُطلب من الأطفال التحرك بالكيفية التي يشاؤونها ويشاهدون عند تحركهم تغيير انعكاسات ظلهم على الجدار. يتخذ كل ظل أشكالا متعددة حسب الكيفية التي يتحرك بها الطفل، وتبدو الظلال مختلفة عن بعضها البعض، فنرى على الجدار ظلا ضعيفا، ظلا غاضبا، ظلا مخيفا ، ظلا قويا ومقتدرا و...يدرك الأطفال من خلال هذا النشاط البسيط أن كل واحد منهم يشبه هذا الظل الذي يراه منعكسا على الجدار. ففي البداية، كانت جميع الظلال متشابهة، وهنا يدرك الطفل بأن كل البشر متشابهون في حقيقتهم الوجودية، ولكن في النهاية، أخذت الظلال بالتغيير، وهنا يتعلم الطفل بأن كل واحد منهم يعتبر مسؤولا عن الكيفية التي يعكس فيها ظله على هذا الجدار وفي هذا العالم. يتعلم الطفل من هذا النشاط أن مسؤولية الظل تقع مباشرة على عاتق صاحبه، فكما أن كل طفل مسؤول عن ظله كذلك فإن كل طفل مسؤول عن هوية وجوديته. كما يتعلم الطفل أيضا النظر إلى الآخر، إلى ال(هو) وإلى ال(هي) بالكيفية التي رأى في بداية هذا النشاط انعاكاسات الظلال على الجدار الذي أمامه، فجميع الظلال تشابهت إذ لم تفرق بينها أي لونٌ أو دينٌ أو لغةٌ
هذا النشاط البسيط يعكس أيضا ما تفضل به حضرة بهاءالله من أن جميع الرسل السماوية يتشابهون في حقيقة رسالتهم الروحانية "و کلّهم مرايا اللّه بحيث لا يُری فيهم الّا نفس اللّه و جماله و عزّ اللّه و بهائه لو انتم تعقلون" . يقع على عاتق الوالدين مسؤولية تربية طفلهما على إدراك هذه الحقيقة الروحانية، فالرسالات السماوية وإن اختلف في ظاهرها إلا أنها في حقيقتها مرايا تعكس الرحمة الإلهية للبشرية. ويستطيع الوالدان مساعدة طفلهما على تطوير مفاهيم إدراكاته كي يخطو صوب الرشد ويتحرر من قيود نظرياته الطفولية عندما كان في الثانية من عمره من خلال هذا الدعاء." يا إلهي اسمك شفائي وذكرك دوائي وقربك رجائي وحبّك مؤنسي ورحمتك طبيبي ومعيني في الدّنيا والآخرة وإنّك أنت المعطي العليم الحكيم". فيدعو الطفل بالشفاء لنفسه كي يرتقي في كمالاته الإدراكية كما يعلمه الوالدان بأن يدعو بالشفاء للآخرين أيضا، وهنا يتعلم الطفل كيف يحب وكيف يحترم وكيف يهتم وكيف يقبل وكيف يفكر
وكيف يمنح الآخرين
هذا النشاط البسيط يعكس أيضا ما تفضل به حضرة بهاءالله من أن جميع الرسل السماوية يتشابهون في حقيقة رسالتهم الروحانية "و کلّهم مرايا اللّه بحيث لا يُری فيهم الّا نفس اللّه و جماله و عزّ اللّه و بهائه لو انتم تعقلون" . يقع على عاتق الوالدين مسؤولية تربية طفلهما على إدراك هذه الحقيقة الروحانية، فالرسالات السماوية وإن اختلف في ظاهرها إلا أنها في حقيقتها مرايا تعكس الرحمة الإلهية للبشرية. ويستطيع الوالدان مساعدة طفلهما على تطوير مفاهيم إدراكاته كي يخطو صوب الرشد ويتحرر من قيود نظرياته الطفولية عندما كان في الثانية من عمره من خلال هذا الدعاء." يا إلهي اسمك شفائي وذكرك دوائي وقربك رجائي وحبّك مؤنسي ورحمتك طبيبي ومعيني في الدّنيا والآخرة وإنّك أنت المعطي العليم الحكيم". فيدعو الطفل بالشفاء لنفسه كي يرتقي في كمالاته الإدراكية كما يعلمه الوالدان بأن يدعو بالشفاء للآخرين أيضا، وهنا يتعلم الطفل كيف يحب وكيف يحترم وكيف يهتم وكيف يقبل وكيف يفكر
وكيف يمنح الآخرين
#7Bahais7yearsDay 2: Fariba Kalamabadi15. MAÍ 2015 - 5pmBaha'i Center - Öldugötu 2, Reykjavík
Posted by 7 dagar tileinkaðir 7 bahá'íum sem hafa setið inni í 7 ár on Friday, May 15, 2015
لا يختلف إثنان على أننا نعيش في عالم يقف على حافة الانهيار. ولا يختلف إثنان على أنه وبالرغم من أن هذا العالم يعيش فيه عدد لا نهائي من الكائنات إلا أن الانسان هو الوحيد من ساكني هذا العالم الذي أخذ على عاتقه مهمة تدميره. يبرر الانسان منهجيته التدميرية على أنها انتقام لما تختلج في نفسه من مشاعر الألم والغضب والكره. ولكن من أين نشأ كل هذا الغضب والكره والتعصب الأعمى الذي يتجه بالانسان صوب تأليه ذاتيته والقضاء على ما دونه؟ هل نشأ عليها في طفولته وأين كان والديه عندئذ؟ أم أنشأها عليها والديه؟ ولكن، لماذا يرغب أي أب وأي أم في أن يُسجن طفلهما في سراديب الألم؟ إن لم يسرع الانسان على تحرير نفسه من غضبه وعلى تغيير مفاهيمه التعصبية فإننا كوالدين لن نجد عالما آمنا ينمو فيه طفلنا، وإننا كوالدين سنحرم طفلنا من نور وجوديته عندما تجرفه يوما ما أمواج غضبه صوب تدمير ما تبقى من هذا العالم. يتفضل حضرة بهاءالله "نوصي الكلّ بما هو علّة علوّ كلمة الله وسموّها بين العباد، كما نوصيهم بأمور تؤدّي إلى رقيّ عالم الوجود ورفعة مكانة النّفوس والسّبب الأعظم لذلك هو تربية الأولاد، ويجب أن يتمسّك بها الجميع، إنّا أمرناكم بذلك في ألواح شتّى وفي كتابي الأقدس طوبى للعاملين، نسأل الحقّ أن يؤيّد الكلّ ويوفّقهم لتنفيذ هذا الأمر المبرم الذي ظهر ونزل من قلم مالك القِدم" (كتيب التربية والتعليم ص8). قد يشعر الفرد بالعجز وهو يشاهد العالم واقفا على حافة الانهيار، وقد يشعر بأنه لا يملك أي قوة يستطيع بها ايقاف هذا التدمير الذاتي الذي يتغذى على الكراهية وينمو بها. ولكن يختلف الحال مع الوالدين، فتغيير مصير العالم يبدأ أول ما يبدأ من تربية الطفل، وتغيير مصير الطفل يبدأ أول ما يبدأ في تربيته الروحانية منذ اللحظات الأولى من نشأته الإنسانية. يمتلك كل والدين فرصة واحدة لإنقاذ هذا العالم، بلايين لا نهائية من الأطفال سينقذون عالمنا الذي يحترق في نيران التعصب من هلاك محتوم، فليكن طفلنا واحدا من هؤلاء البلايين اللانهائية ولنكن نحن ذلك الأب وذلك الأم الذي انتهج في تربية طفله منهجا يجعل منه نورا يضئ الدرب لهذا العالم الذي يتخبط في ظلامه
يشرف موقع الهوية البهائية على الدخول في عامه الثاني، فقد أنشأ في 4 أغسطس 2013، كان عمر طفلي حينئذ بالأيام 1500 يوما، وعمره بالسنوات والشهور أربع سنوات وثلاث أشهر. خلال أيام معدودة سيصبح عمر طفلي بالأيام 2190 يوما وعمره بالسنوات 6 سنوات. ومن أجل هذه المناسبة هذا رابط لتنزيل ملف اكربوت سعته 1 ميغابايت يحتوي على بعض المواضيع التي نشرت في صفحة الهوية البهائية ومن ضمنها برامج الدورات التربوية الروحانية
يَا ابْنَ الإِنْسانِ كُنْتُ فِي قِدَمِ ذاتِي وَأَزَلِيَّةِ كَيْنُونَتِي؛ عَرَفْتُ حُبّي فِيكَ خَلَقْتُكَ، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مِثالِي وَأَظْهَرْتُ لَكَ جَمَالي
حضرة بهاءالله، الكلمات المكنونة، ص 5
يُحوّل الوالدان الله تعالى في غالب الأحيان إلى قوة غاضبة يرعبان به أطفالهما من القيام بأي شئ يخالف أوامره. ويسلك الوالدان أيضا المنهجية ذاتها في تربيتهم حس الطاعة والإحترام في طفلهما اتجاههما كوالديه. وحيث يبدأ الوالدان منهجية التخويف والترعيب من غضب الله إن لم تطاع أوامره في مراحل مبكرة جدا من عمر طفلهما ، يكبر الطفل وهو لا يحمل في أعماقه سوى هذه الصورة الغاضبة التي رسمها له والديه لله عز وجل وهذا الرعب الأبدي من عقابه وانتقامه. وبتلك النحوية التي ينمو الخوف في الطفل من غضب والده مثلا ويتحول إلى جزء لا يتجزأ من وجوديته المستقبلية ككيان إنساني، ينمو مع خوفه هذا رغبته في التشبه لهذا الوالد الذي يرعبه ويهاب من سطوته وغضبه حيث لا يعرف لنفسه مثلا أعلى سواه. وتنعكس مظاهر خوف ورعب الطفل من الله تعالى بالنحوية ذاتها في كينونته الإنسانية وتنمو في أعماق وجوديته رغبته الفطرية في التشبه بخالقه، هذاالخالق الغاضب الذي لن يفتأ لحظة بالإنتقام ممن لا يطيعه ويهلكه في نار الجحيم. بطبيعة الحال يتبع الوالدان هذه المنهجية مع طفلهما من أجل تربيته أخلاقيا وروحانيا ولكنهما لا يلتفتا إلى خطورة النتائج المترتبة في اتباع هذه المنهجية. فعلى سبيل المثال ، إن اتبع الأب أسلوب الضرب والزجر والتهديد في تعامله وتربيته ، عندما يكبر الطفل لا يتذكر العمل الذي من أجله ضُرب أو هُدد بالضرب ( وبالأخص إن كان يتبع الأب هذا الأسلوب في كل كبيرة وصغيرة ترتبط في تعامله مع طفله)، بل جل ما يتذكره الطفل هو أن والده كان شخصا قاسيا ورجلا متجهم الوجه وشرس الطباع. لا يتذكر الطفل الصفة الأخلاقية التي ضربه من أجلها والده ضربا مبرحا وبقسوة شديده عندما لم يتبعها، ولكنه يتذكر احساسه بالرعب من والده وهو يهوي عليه بكفّه أو بعصاه، ويتذكر خوفه من أن يموت في لحظته تلك دون أن تنزل عليه رحمة من والده، ويتذكر جل ما يتذكره بأنه كره والده في تلك اللحظة وأنه أقسم بأنه سيكبر يوما ليصبح مثله قاسيا وشريرا (إن استخدمنا مجازا طريقة تفكير الأطفال)، ويتذكر أيضا جل ما يتذكره احساسه في تلك اللحظة ( وهي لحظات متوالية متكررة في سنين طفولته ومراحله العمرية اللاحقة) بأن والده لا يحبه ولم يحبه. و يترسب في أعماق الطفل إحساس أشد ألما من إحساسه بعدم حب والده له وهي إحساسه بأن والده يكرهه
يتفضل حضرة بهاءالله في الكلمات المكنونة "عَرَفْتُ حُبّي فِيكَ خَلَقْتُكَ" فنحن قد خلقنا لأن الخالق أحبنا. لذا تتشكل هويتنا الوجودية من كينونة هذا الحب الإلهي وإلا لَما خُلقنا ولَما وُجدنا. ولأن ذاتيتنا الإنسانية تتمحور في مركزية خالقٍ يحبنا فإننا نعكس هذا الحب في جميع زوايا حياتنا البشرية وممارساتنا اليومية. ماذا يفعل الإنسان إن عرف بأن أحدهم يحبه؟ هل يغضب، هل يقسو، هل يدمر ما أمامه وهل تشتعل في أعماقه نيران دمار هالك أم ترهف روحه وترتقي كيانه وتمتلأ قلبه بحب مماثل يصبغ بنورها الكون الذي يحيط به بحيث لا يُحرم منه شجرٌ ولا حجر؟ ويتفضل في هذه الكلمة المكنونة "وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مِثالِي" ، فكل انسان خلق مرآةً يعكس في وجوديته هذا الحب الإلهي الذي خُلق منه. إن وجّه الفرد مرآةً إلى السماء، ستعكس مرآته ما بالسماء سواء اكان طيرا أوغيما أو شمسا أو قمرا. وقد قال الله تعالى"عَرَفْتُ حُبّي فِيكَ" ، ليغمر هذا النور الساطع من شمس الحب الإلهي سماء وجوديتنا. ترى ما الذي سينعكس في مرآتنا إن وُجّهت صوب هذا السماء ؟ ويتفضل حضرة بهاءالله "وَأَظْهَرْتُ لَكَ جَمَالي"، ويرتبط الجمال هنا بمفاهيم مظاهر هذا الحب الإلهي الذي تحدث عنه الخالق"عَرَفْتُ حُبّي فِيكَ". فماهو هذا الجمال الذي أظهره الله لنا سوى حبه لنا. ففي البداية كان الحب الإلهي الذي سبق خلقنا. وفي النهاية أظهر لنا الخالق جماله الإلهي. وبين البداية التي كانت حُبّاً والنهاية التي هي جمال خلق الإنسان مرآةً يعكس جمالية الحب الإلهي
إن انتهج الوالدان منهجية تعريف جمالية الخالق إلى طفلهما من خلال تجليات هذه الجمالية في حبه لنا فسيُربى الطفل على توجيه مرآة وجوديته ليعكس جمالية الحب الإلهي بدلا من أن يعكس مظاهر الغضب الإلهي. بالنظر إلى العالم الذي يحترق من حولنا بنيران الكره والغضب والتعصب والإنتقام، وبالنظر إلى كل أولئك الذين ينشرون الموت والدمارأينما وطئت أقدامهم، يستطيع كل أب وأم أن يقررا صفات الإله الذي يريدان لطفلهما بأن يعكسه في مرآة وجوديته: هل الله حب "عَرَفْتُ حُبّي فِيكَ خَلَقْتُكَ" أم أن الله غضب وانتقام
لحظة ولادة الطفل يجب أن يُتلى دعاء المولود ثلاث مرات في أذنه اليمنى
قد جئتُ بأمر الله، وظهرتُ لذكره، وخُلقتُ لخدمته العزيز المحبوب
ترسم هذه الآية المباركة خارطة حياة الإنسان منذ الثواني الأولى لولادته. وتحدد من جهة منهجية التربية التي يجب على الوالدين اتباعها في تربية طفلهما ومن جهة أخرى تحدد للفرد منهجية حياته وهدف خلقته. يتفضل حضرة بهاءالله في الكلمات المكنونة " أحببت خلقك فخلقتك"، والسؤال الذي يتردد صداه في وجوديتنا الإنسانية هو : لماذا أحبَّ الله خلْقُنا ولماذا خلَقَنا؟ وما الجواب إلا في دعاء المولود الذي يلخص حياة الإنسان والهدف من خلقته في هدفين : ذكره وخدمته ( التبليغ والخدمة). هذان هما السبب المباشر الذي من أجله أحب الله خلقنا " أحببت خلقك" وهذا ما يعنيه دعاء المولود " قد جئتُ بأمر الله" : فالله قد أحب خلقنا وهكذا فقد خُلِقنا بأمره. أما السبب الذي من أجله أحب خلقنا وأمر بخلقنا فهي لذكره وخدمته
يتفضل حضرة بهاءالله في كتاب الأقدس: " تزوجوا يا قوم ليظهر منكم من يذكرني بين عبادي"، فالهدف من الزواج هو ولادة هذا الطفل والهدف من ولادة هذا الطفل هو ليذكر مولاه بين عباده. ولكن مازال يتردد صدى السؤال في كل خلية من خلايا وجوديتنا: كيف أذكر حضرة عبدالبهاء، كيف أذكر حضرة بهاءالله ، كيف أذكر الله؟ هل يعني الذكر هنا الدعاء، هل خُلقنا لنعيش في صومعة وندعوا الله ليل نهار أم أنه يعني أن نذكر محبة الله وحبه " أحببتُ خلقك فخلقتك" لعباده وأن نحدثهم عن عظيم نوره رغم ضياع خطواتهم في دهاليز الظلام. يعني ذكر الله في معجم المعاني: حَمِدَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، سَبَّحُهُ ، مَجَّدَهُ . ذكر الله هي تبليغ عباده عن هذا الحب الذي خلقوا أول ما خلقوا من كنهيته
ويتواءم هذا الحديث عن الذكر و الحب مع عمل الحب وهو الخدمة. تعني الخدمة في معجم المعاني : مساعدة أو فضْل ، هديَّة ، منحة ، عناية واهتمام. يتفضل حضرة الباب في دعاء المولود " قد جئتُ بأمر الله، وظهرتُ لذكره، وخُلقتُ لخدمته العزيز المحبوب" ولكن كيف يخدم الفرد خالقه العزيز المحبوب؟ ما هي المساعده أو الفضل أو الهدية أو المنحة أو العناية أو الإهتمام التي يستطيع الفرد أن يقدمها إلى الله؟ إن الله لا يحتاج إلينا ولا إلى مساعدتنا ومع ذلك يحدد لنا هدف وجوديتنا في فعل الخدمة. فمن نخدم؟ وكيف نخدم؟ نخدم الله في خدمتنا لعباده
تتشكل هوية طفلنا وملامح وجوديته وكينونته الروحانية منذ اللحظات الأولى التي نهمس في أذنه اليمنى الكلمات الإلهية التي أنزلت من أجل الترحيب به عند ابتداء رحلته اللانهائية في عوالم الملكوت. وينمو الطفل ويتطورفي خارطته الوجودية من خلال تربية هويته البهائية التي تتمحور حول مركزية الحب، الحب الذي خلق منه والحب الذي يجب أن يمنحه للآخرين. عندما يلد الطفل، تلد معه آمال والديه وأحلامهما له، فيرغب أحدهما بأن يصبح طبيبا أو مهندسا ويرغب الآخر بأن يصبح عالما أو رائد فضاء مثلا، ولكن نادرا ما يخطر بذهن الوالدين في أن يكبر طفلهما ليصبح خادما للإنسانية. يحلم الوالدان لطفلهما بأن يصبح مهندسا أو طبيبا من أجل المنافع الذاتية التي سيحصل عليها وليس من أجل الخدمة الجليلة التي سيستطيع أن يقدمها للبشرية. وفي غمرة انشغال الوالدين في تربية طفلهما بالنحوية التي تعكس آمالهما وأحلامهما ينسيان أن الهدف من زواجهما كان ولادة هذا الطفل، وأن الهدف من خلق هذا الطفل هو ذكر الله وخدمة العالم الإنساني. سيتحول هذا الأرض إلى أرض أخرى إن رُبي الأطفال منذ اللحظات الأولى من ولادتهم على الخدمة ونشر المحبة. وسيتحول هذا الأرض إلى أرض أخرى إن تشربت وجودية الأطفال منذ اللحظات الأولى لولادتهم من نور الحب الذي خلقوا منه. تبدأ التربية الروحانية للطفل أول ما تبدأ لحظة ولادته في هذا العالم ولحظة استماعه للخطاب الإلهي له عن الهدف الذي خلق من أجله
يتفضل حضرة بهاءالله
فطوبی لمن آمن بك و بآياتك و خضع بسلطانك و شرّف بلقائك و بلغ برضائك و طاف فی حولك و حضر تلقاء عرشك* فويل لمن ظلمك و أنكرك و كفر بآياتك و جاحد بسلطانك و حارب بنفسك و استكبر لدی وجهك و جادل ببرهانك و فرّ من حكومتك و اقتدارك و كان من المشركين فی ألواح القدس من أصبع الامر مكتوبا
لوح الزيارة- حضرة بهاءالله
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
قَدْ مَضى عَلَيْكَ أَيَّامٌ، وَاشْتَغَلْتَ فِيها بِمَا تَهْوى بِهِ نَفْسُكَ مِنَ الظُّنُونِ وَالأَوْهَامِ. إِلى مَتى تَكُونُ راقِداً عَلَى بِساطِكَ. ارْفَعْ رَأْسَكَ عَنِ النَّوْمِ؛ إِنَّ الشَّمْسَ ارْتَفَعَتْ فِي وَسَطِ الزَّوالِ، لَعَلَّ تُشْرِقُ عَلَيْكَ بِأَنْوارِ الْجَمالِ
الكلمات المكنونة، ص28
في إحدى المدارس الحكومية، وعندما كان الأطفال يحضرون أنفسهم لتناول وجبة الغداء، جاءت المعلمة وذكرتهم بكل محبة ولطف بأن كل طفل سيحصل في البداية على صحن واحد به وجبة الغداء بكمية محددة ولكن وبعد أن ينتهي من أكلها إن أراد المزيد فيمكنه التوجه إلى الموظفة المسؤولة التي تقدم الطعام وطلب المزيد منها. ثم أضافت: وعندما تنتهوا من أكل ما بصحنكم يجب أن تضعوا صحونكم على تلك الطاولة هناك حتى تجمعها الموظفة المسؤولة وتغسلها. واستمع الأطفال الصغار بسعادة إلى معلمتهم وهزوا الرؤوس مجيبين عندما سألتهم إن فهموا ما قالته : نعم، يمكننا أن نحصل على مزيد من الطعام إن كنا مازلنا نشعر بالجوع ويجب أن نعيد صحننا بعد الإنتهاء من الأكل ونضعها على تلك الطاولة هناك. فابتسمت المعلمة وانسحبت بهدوء من قاعة الطعام
حصل كل طفل على صحن طعامه وجلسوا على الطاولة المخصصة لهم وأخذوا يأكلون وهم يتسامرون ويتضاحكون مع بعضهم البعض. بعد فترة قصيرة، انتهى أحد الأطفال من تناول ما في صحنه وحيث أنه كان ما يزال يشعر بالجوع قرر الحصول على المزيد. فقام من كرسيه وأخذ صحنه معه ووضعها على تلك الطاولة المخصصة لتجميع الصحون المتسخة والتي أشارت إليها معلمته ثم اتجه إلى الموظفة المسؤولة باعطاء الطعام وسألها بكل أدب: هل يمكننى أن أحصل على المزيد؟ وسألته الموظفة: أين صحنك؟ فأخذ الطفل صحنا نظيفا من الصحون الموجودة على الطاولة وأعطاها إياها ولكنها سحبت الصحن من يده و صرخت عليه قائلة: لا، لا يمكنك أن تحصل على صحن آخر. ولم يفهم الطفل لصغر سنه ما تعنيه هذه الموظفة، وحيث أنه كان مايزال يشعر بالجوع وحيث أن معلمته أخبرتهم بإمكانية حصولهم على مزيد من الطعام إن رغبوا بذلك فأخذ صحنا جديدا من الصحون الموجودة أمامه على طاولة الطعام وأعطاها للموظفة التي كانت تستشيط غضبا ويتطاير الشرر من عينيها، وقالت له بصوت أعلى من صرختها السابقة: لا! قلت لك لا يمكنك أن تحصل على صحن آخر. وسحبت الصحن من يدي الطفل تاركة إياه في نهر من دموعه المنهارة على وجنتيه وذقنه. نظر الطفل يمنةً ويُسرةً إلى كل الآخرين الجالسين في قاعة الطعام بالمدرسة، ثم طأطأ برأسه وانسحب باكيا حزينا إلى حيث لا يراه أحد. لم تتحرك الموظفة المسؤولة قدما واحدا اتجاه الطفل بعد أن رأت سيل دموعه منهارا على خديه، ولم تطيب خاطره، ولم تحضنه، ولم تعطيه بالطبع صحنا آخر. تركت الموظفة المسؤولة الطفل الصغير بجوعه ودمعه ينسحب إلى ركن منعزل في المدرسة دون أن تتحرك قيد شعرة لإحتوائه. هذه قصة واقعية شهدت أحداثها بأم عيني وبكى قلبي حزنا على هذا الطفل المسكين الذي تفتت قلبه الصغير المرهف إلى شظايا وبكى قلبي حزنا على هذه الموظفة المسكينة التي مات قلبها ولم يبق منها إلا جسدا خاويا
لم تخطئ المعلمة عندما أخبرت الأطفال بإمكانية حصولهم على مزيد من الطعام إن رغبوا بذلك، ولم يخطئ الطفل عندما اتجه صوب الموظفة المسؤولة سائلا إياها بمزيد من الطعام، ولكنه أخطأ عندما وضع صحنه المتسخ على الطاولة المخصصة لجمع الصحون المتسخة ولم يأخذها معه إلى الموظفة المسؤولة كي تسكب له في الصحن نفسه مزيدا من الطعام. فجل ما تهتم به الموظفة المسؤولة هي أن كل طفل يجب أن يستخدم صحنا واحدا فقط، ولا يهمها كثيرا إن تحطم قلب مرهف من أجل هذا الصحن! يتساءل المرء: ترى أيهما أهم أن لا يتسخ صحن إضافي أم أن لا ينكسر قلب طفل في الثامنة من عمره؟ لهذه الموظفة كان الصحن، هذا الشئ المادي الدنيوي الجامد، هو محورترتكز عليه في هويتها الانسانية (أو اللاإنسانية) وليس رعاية واحتواء الكيان المرهف الصغير لذلك الطفل البرئ
يفقد الوالدان في كثير من الأحيان ، في خضم مسؤولياتهما الجسام ، المحور الأساسي الذي يجب أن يستندا عليه في تعاملهما وفي تربيتهما لطفلهما. فقد يتحول دخول الطفل إلى مدرسة خاصة محورا بدلا من الطفل نفسه، بمعنى أن يقضي الوالدان جل وقتهما خارج المنزل يشتغلان ليلا ونهارا حتى يجمعا المال الذي يكفي لدفع المصاريف الباهظة لمدرسة طفلهما ويتركانه وحيدا في البيت بدلا من قضاء الوقت معه وبجواره. وقد يصرخ الوالدان على طفلهما عند تلاوة المناجاة إذا نسي بأن يضم يديه في أدب أو يغلق عينيه مثلا ويقولان له: ألم نعلّمك آداب تلاوة المناجاة؟ وقد يتعامل الوالدان بغضب مع طفلهما إن وقع شيئا ثمينا من يديه على الأرض وانكسر. وقد... إلخ، ولن أتطرق هنا إلى كل الإحتمالات المعيشية والممارسات الحياتية التي يُخطأ فيها الوالدان بتقييم أفعالهما وردود أفعالهما اتجاه طفلهما حيث أنها لا نهائية كعدد ذرات الرمل في صحاري هذا الكوكب. من السهولة جدا أن ينسى الوالدان ما هو لامرئي، وهي هنا كيان الطفل ومشاعره ، مقابل بحر زاخر من المرئيات الملموسة الواضحة أمامهما بجلاء. ومن السهولة جدا أن يتناسى الوالدان بأن تربية الطفل في هويته الروحانية تتطلب منهما تركيزجميع طاقاتهما و اهتماماتهما لتنعكس آثارها في مدار هذه المحورية. نحتاج جميعنا ، كما يحتاج كل أب وكل أم ، أن نحترس في كل لحظة من حياتنا الإنسانية حتى لا نتخذ من صحنٍ جمادٍ دنيوي محوراً ترتكز عليه وجوديتنا، أفكارنا، تصرفاتنا، أخلاقياتنا وعقائدنا
الكِيَاسَةُ واللُّطْفُ اللذينِ كان يَتَمَيَّزُ بِهما حضرةُ عبدالبهاء لَمْ تَشْمَلْ فقط الكلماتِ والإيماءاتِ اللطِيفة. فقد كان قَلْبُهُ مُفْعَمًا
بالحُبّ تجاهَ الجَميعِ، وكان حَسّاسًا جِدًّا تجاهَ مَشَاعِرِ كُلِّ مَنْ كان يتشرَّفُ بِحُضُورِه. أثناءَ أسفارِهِ في الغربِ، كان يتدفَّقُ عَلَيْهِ يوميًا عَدَدُ كَبيرٌ من النّاسِ ليَأخُذُوا حِصَّتَهُمْ مِنْ حُبِّهِ وحَنَانِه ويَسْتَمِعُوا إلى كَلِماتِه الحَكِيمَة. وفي لَنْدَن كان هناك الكثيرُ مِنَ النّاسِ مِمَّن يُريدونَ مُقَابَلَةَ حضرةِ عبدالبهاء على انفراد، لذا فقد قرَّرَ الأحباءُ أن يَتِمَّ تَرْتِيبُ الزِّياراتِ بِصُورَةٍ مُنَظَّمَةٍ على أن يَقُومَ كُلُّ فَرْدٍ بِأَخْذِ مَوْعِدٍ للِقاءِ حضرتِه. وفي أَحَدَ الأيّامِ وَصَلَت امرأةٌ دُونَ مَوْعِدٍ مٌسْبَقٍ، وكانتْ مُشْتَاقَةً لِمُحَادَثَةِ حَضْرَةِ عبدالبهاء، فَقِيلَ لها بِأنَّ حَضْرَتِهِ مَشْغُولٌ مَعَ بَعْضِ الأَشْخَاصِ المُهِمِّينَ ولا يُمْكِنُ إزْعاجُه. كان لِهذا الخَبَرِ وَقْعٌ شَدِيدٌ عليها فَقَفَلَتْ راجِعَةً بِقَلْبٍ مُثْقَلٍ بِالحُزْن. ولكنَها شَعَرَتْ بالدَّهْشَةِ عندما سَمِعَتْ صَوْتًا يُناديها. فقد أرْسَلَ حضرةُ عبدالبهاء شَخْصًا لاستدعائها إليه. فقد قالَ للأحباءِ بِصَوْتٍ حَازِمٍ: هناك قلبٌ قد تَحَطَّمَ. أَسْرِعْ! أَسْرِعْ! أَحْضِرْها إليّ
يتفضل حضرة عبدالبهاء: على الأمّهات الاهتمام بتربية الأطفال والنّظر في شأنها بعين الاعتبار، لأنّ الغصن طالما هو طريّ يمكن تربيته كيفما تشاء، وعليه يجب على الأمّهات تربية صغارهِنَّ كما يربّي البستانيّ أغراسه ويعتني بها، والسّعي ليلاً نهارًا في العمل على تأسيس الإيمان وخشية الله وحُبّ الآخرين وفضائل الأخلاق والصّفات الحسنة في أطفالهِنَّ، لتثني الأمّ وتُطري طفلها كلّما قام بعمل ممدوح ولتملأ قلبه سرورًا، وإذا صدرت من الطّفل أدنى حركة شاذّة لتنصحه ولا تعاتبه ولتعامله بوسائل معقولة ولو بقليل من الزّجر في الكلام إذا لَزِم الأمر، ولكنّ الضّرب والشّتم لا يجوزان أبدًا فإنّهما يفسدان أخلاق الطفل
كتيب التربية والتعليم، ص 51
طفلنا النجم وطفلنا القمر وطفلنا الكوكب
هُوَ اللهُ
إِلهِي إِلهِي هؤلاءِ الأَطْفالُ فُرُوعُ شَجَرَةِ الحَياةِ وَطُيُورُ حَدِيقَةِ النَّجَاةِ، لآلِئُ صَدَفِ بَحْرِ رَحْمَتِكَ وَأَوْرَادُ رَوْضَةِ هِدَايَتِكَ. رَبَّنا إِنَّا نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ وَنَتَضَرَّعُ إِلَى مَلَكُوتِ رَحْمَانِيَّتِكَ أَنْ تَجْعَلَنا سُرُجَ الهُدَى وَنُجُومَ أُفُقِ العِزَّةِ الأَبَدِيَّةِ بَيْنَ الوَرَى وَعَلِّمْنا مِنْ لَدُنْكَ عِلْمًا يا بهاءَ الأَبْهى. ع ع
13 مجموعة مناجاة للأطفال، ص
يدعو حضرة عبدالبهاء في هذه المناجاة التي نزلت من قلمه المبارك للأطفال ليصبحوا " سُرُجَ الهُدَى وَنُجُومَ أُفُقِ العِزَّةِ الأَبَدِيَّةِ بَيْنَ الوَرَى". جاء فيمعجم المعاني الجامع معنى السراج على أنه الشمس، مستوحيا بالآية القرآنية الكريمة { وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا } . والشمس نجمٌ، وجاء في هذا المعجم بأن النجمة هي أَحدُ الأجرام السماوية المضيئة بذاتها في حين أن الكوكب هو جِرْمٌ سماويٌّ يدور حول الشمس ويستضئ بضوئها بينما القمر جِرْمٌ سماوىٌّ صغيرٌ يدور حول كوكب أَكبرَ منه ويكون تابعًا له. يعتبر الكوكب والقمر جرمان مظلمان في تكوينهما الذاتي ويقتبسان ضوءهما فقط من خلال لحظية وجوديتهما في مدار نجمتهما. ولكن ورغم أن الكوكب والقمر كليهما جرمان سماويان تابعان للنجم ويدوران في مداره، يأتي عليهما حين من الزمان عندما تعكس ذاتيتهما ظلام وجوديتهما بدلا من نور نجمتهما في حين تشع النجمة دائما في نورها ولا تعيش ظلاما في لحظياتها الزمنية. وتقع على الوالدين مسؤولية تربية طفلهما في هويته النجمية منذ اللحظات الأولية من بدايات نشأته الانسانية
يتفضل حضرة عبدالبهاء " كلّ طفل يمكنه أن يغدو سببًا لإنارة العالم أو علّة لظلمة الآفاق، لهذا يجب اعتبار مسألة التّربية أمرًا في غاية الأهمّيّة، يجب إرضاع الأطفال من مستهلّ طفولتهم حليب ثدي محبّة الله وتربيتهم في حضن معرفة الله، حتّى يصبحوا نورانيّين ورحمانيّين يتعلّمون العلم والحكمة ويتخلّقون بأخلاق الملائكة " (كتيب التربية والتعليم، ص 34). تربية الطفل ليصبح نجما، يختلف بطبيعة الحال عن تربيته ليصبح كوكبا أو قمرا. ليس أن الكوكب أو القمر يعتبران أقل شأنا من النجم، فقد جاء في القرآن الكريم{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ }، ولكن من حيث خاصية النور والظلام، فإن النجمَ يُعرّف بالنور في ذاتيته، وهي ذاتية تشبه ذاتية الملائكة والتي توصف بأنها "مخلوقات أنشأها الله من نورٌّ" . إن لحظات من التمعن فيما ينصحنا به حضرة عبدالبهاء يجعلنا ندرك بجلاء عمق وظيفتنا الأساسية اتجاه تربية طفلنا صوب هويته الروحانية كي يتخلق "بأخلاق الملائكة" و"يغدو سببا لإنارة العالم" . تعتبر الحرارة والسطوع والحقل المغناطيسي من أهم الخصائص الفيزيائية التي تتصف بها كل نجمة بالإضافة إلى أنها مصدر الطاقة في الكواكب والأقمار التي تتواجد في مدارها. بينما يتصف القمر بأن سطحه معتم جداً، حيث أن له انعكاساً مماثلاً للفحم. من احدى النتائج الأولية التي تتجلى في الطفل عند تربيته ليصبح نجما بازغا هي منحه النور والحرارة لكل ساكني هذا العالم دون تفرقة أو عنصرية وبذلك يعكس في كينونته الوجودية ما خلَقَنا من أجله حضرة بهاءالله " ليس الفخر لحبّكم أنفسكم بل لحبّ أبناء جنسكم". أوليس الجذب والحرارة والعطاء من خصوصيات الحب، وأولا يعكس النجم حبه في طاقته الجاذبية وحرارته وسطوع نوره؟
يتفضل حضرة عبدالبهاء
اي رب ، اهدني، احفظني، واجعل مني سراجا منيرا ونجما بازغا. إنك أنت القوي القدير. ع ع
أوّل مبدأ من مبادئ حضرة بهاء الله تحرّي الحقيقة، ومعنى ذلك أنّه ينبغي أن ينزّه النّاس نفوسهم ويقدّسوها عن تلك التّقاليد الّتي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم
خطب عبدالبهاء في أوروبا وأمريكا ص 158
يتفضل حضرة بهاءالله في الكلمات المكنونة العربية :" يَا ابْنَ الرُّوحِ..أَحَبُّ الأَشْيَاءِ عِنْدِي الإنْصافُ. لا تَرْغَبْ عَنْهُ إِنْ تَكُنْ إِلَيَّ راغِباً وَلا تَغْفَلْ مِنْهُ لِتَكُونَ لِي أَمِيناً وَأَنْتَ تُوَفَّقُ بِذلِكَ أَنْ تُشَاهِدَ الأَشْياءَ بِعَيْنِكَ لا بِعَيْنِ العِبادِ وَتَعْرِفَها بِمَعْرِفَتِكَ لا بِمَعْرِفَةِ أَحَدٍ فِي البِلادِ. فَكِّرْ فِي ذلِكَ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ. ذلِكَ مِنْ عَطِيَّتِي عَلَيْكَ وَعِنايَتي لَكَ فَاجْعَلْهُ أَمامَ عَيْنَيْكَ". ما يحدث غالبا أن ينسى الوالدان أن هذا الخطاب موجهٌ أيضا إلى طفلهما، ويتغافلان عن أهمية تربيته بحيثية تشجعه على تنمية هذه الخاصية الملكوتية التي يصفها حضرة بهاءالله بأنها "أحب الأشياء" عنده! يبدأ الطفل في المراحل العمرية الأولى لنشأته باكتشاف وتنمية حدود ملامح شخصيته، ويتعلم خلال هذه المرحلة انفصال حيزه الذاتي عن حيز ذاتية الآخرين، بمعنى أنه يكون قادرا على أن يعرف مثلا بأن انعكاسه في المرآة هي انعكاس وليست حقيقة كما أنه يدرك بأن هذا مجرد انعكاس لصورته ولا يظن بأن هذا الإنعكاس طفلٌ يقف أمامه فيرغب باللعب معه
تعتبر هذه من أهم الملكات التي ينميها الطفل عند بلوغه الثانية من عمره، ملكةٌ يبني على أساسها ذاتية وجوديته الأبدية وملامح شخصيته. عندما يكتشف الطفل نفسه ويكتشف فرديته يبدأ خطواته الأولى صوب اكتشاف ماهية هذه الفردية وكيفية ممارستها في حيزه الذاتي وفي حيزه الإجتماعي. في هذه المرحلة العمرية، أي سن الثانية، يلجأ الوالدان إلى استخدام تلك المعايير التقليدية السائدة التي يظنانها مصيرية في خلق هوية طفلهما في تبعيته الإجتماعية. ففي اللحظة التي يبدأ فيها الطفل خطواته الأولى صوب تكوين ذاتيته يبدأ الوالدان مهمتهما في تكبيل هذه الذاتية بقيود العادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية السائدة. وما أن يبدأ الطفل في اكتشاف حيزه، حتى يزحف الوالدان إلى هذا الحيز ويدخلان معهما بقية أفراد الأسرة القريبة والبعيدة بالإضافة إلى أولئك الذين ينتمون معهم في دوائرهم الإجتماعية
رغم أن حضرة بهاءالله يتفضل بأن أحب الأشياء عنده هي أن يرى الفرد بعينيه لا بعيني الآخرين ويفكر بعقله لا بعقل الآخرين، ما إن يلجأ الطفل باستخدام عينيه وعقله، حتى يمنعه الوالدان و بدلا من ذلك يحثانه على استخدام عيني جديه وجدتيه وأخواله وأعمامه وخالاته وعماته وهكذا إلى أن تكبر دائرة الأعين وتشمل كل الآخرين الذين يملكون وجوها وأعينا. قد لاندرك في الوهلة الأولى خطورة ما نحن بصدد القيام به عندما نعلن لطفلنا أن حيزه هي في الواقع حيزنا وأن ممارسته لحريته مشروطة بقيودنا. فعلى سبيل المثال، إذا رغب طفلنا في أن يستمر بقراءة كتابه بدلا من الحديث مع خالته، نقول له: هيا قم وتحدث مع خالتك، حتى لا تظن بأنك طفل غير مؤدب. (ما يتعلمه الطفل هنا، أنه يجب عليه القيام بما يرضي الآخرين حتى يضمن رضاءهم عنه وأن أخلاقياته تُحدد من خلال أعين الآخرين، فهو مؤدب إن تحدث مع خالته، وغير مؤدب إن لم يتحدث معها رغم أنه في الواقع لا يحطم أي حواجز أخلاقية، فجلّ ما يرغب في فعله هي أن يكمل قراءة كتابه). وعلى سبيل المثال، عندما نذهب إلى محل لشراء بعض الأغراض المنزلية، نقول لطفلنا : إياك أن تعمل فوضى وتتحدث بأعلى صوتك، حتى لا يقول الناس بأنك طفل غير مؤدب (هنا أيضا، ما يتعلمه الطفل هو مدى أهمية رأي الآخرين في تحديد صلاحيته الأخلاقية). وعلى سبيل المثال، عندما نذهب إلى بيت أحد الأصدقاء نقول لطفلنا : إياك أن تأكل أكثر من قطعة واحدة، حتى لا يقول الناس بأنك طفل جائع وأن والديك لا يوفران لك الطعام في البيت. وعلى سبيل المثال، إذا رغب طفلنا بارتداء ملابس تخالف ذوق الجد، نقول لطفلنا: هل تريد أن يغضب عليك جدك ويصفك بالطائش. وعلى سبيل المثال، إذا أراد طفلنا أن يلعب مع طفل آخر، نحذره قائلين: إياك والتشاجر، لا اريد أن اسمع من الناس بأن طفلي مشاغب وغير مؤدب. ولا تنتهي الأمثلة، ولكن ينتهي من طفلنا حيزه ووجوديته واستقلاليته
يتفضل حضرة بهاءالله " أن ترى الأشياء بعينك، لا بعين العباد"، الجد والجدة والأقرباء والأصدقاء والمعارف هم "العباد" الذين ينصحنا حضرة بهاءالله بأن لا نستخدم أعينهم وعقولهم ومع ذلك منذ اللحظة التي يبدأ فيها الطفل باستخدام عينيه واكتشاف حيزه، حتى نكبله برأي الناس وندفن عينيه تحت أتلال لا نهائية من أعين المحيطين به. من الجدير بالذكر أن الحديث هنا ليس عن تربية الطفل على أخلاقيات الأدب و الإحترام ، فاحترام الجد والجدة تعتبر من فضائل الأخلاق، ومراعاة آداب المائدة تعتبر حقاً واحدة من الملكات المستحبة، ولكن الحديث هنا هي عن كيفية تربية اطفالنا بنحوية روحانية تعكس ما ينصحنا به حضرة بهاءالله. ينصحنا حضرة بهاءالله بأن نعرف الأشياء بمعرفتنا لا بمعرفة الآخرين. عندما ينضج الفرد عمريا، يصبح هذا الخطاب خطابا مباشرا يتحدثه حضرة بهاءالله معه " وَأَنْتَ تُوَفَّقُ بِذلِكَ أَنْ تُشَاهِدَ الأَشْياءَ بِعَيْنِكَ لا بِعَيْنِ العِبادِ وَتَعْرِفَها بِمَعْرِفَتِكَ لا بِمَعْرِفَةِ أَحَدٍ فِي البِلادِ". ولكن عندما مايزال هذا الفرد طفلا، فإنه يقع على عاتق والديه تربيته على "الانصاف". غالبا ما يتناسى الوالدان هذا الخطاب المباشر لحضرة بهاءالله وبدلا من ذلك يغرسان في طفلهما أهمية رأي الناس فيه ورضاءهم عنه
في الأمثلة السابقة، يستطيع الوالدان تشجيع طفلهما على تنمية هذه الملكة الروحانية التي يصفها حضرة بهاءالله بأنها "أحب الأشياء" عنده من خلال تشجيعه على التفكير واستنتاج الجواب. فمثلا بدلا من أن نقول له : إياك والتشاجر، لا اريد أن اسمع من الناس بأن طفلي مشاغب وغير مؤدب. نسأله: إذا كنت تلعب مع صديقك واختلفتما في الرأي، هل تظن بأن الحل يكمن في التشاجر معه وضربه؟ يجب أن نمنح الحيز الكافي لطفلنا حتى يستخدم عقله في التفكير. وسواء أكان جوابه بالسلب (لا ، التشاجر والضرب لا يعتبران حلا للمشكلة) أو بالإيجاب (نعم، يجب أن أتشاجر معه وأضربه)، لا نفرض عليه رأينا الشخصي (يجب أن نتذكر بأننا بصفتنا والدين لطفلنا، يقع على عاتقنا مهمة تربيته بالكيفية التي ينصحنا بها حضرة بهاءالله، ونحن المسؤولون أولا وأخيرا بتنفيذ هذه الوظيفة الأساسية)، لذا إن أجاب بالسلب وقلنا له (جيد، هذا ما انتظره منك أن تفعله) وإن أجابنا بالإيجاب قلنا له (لا، الضرب والتشاجر لن يحلا الموضوع بل سيزيدانها سوءا) فإننا ما نزال نسحبه اتجاه رأينا وعقلنا وعيننا وكأننا نقول له في الحالة الأولى (نعم تفكيرك صحيح لأنه يتناسب مع تفكيري) وفي الحالة الأخرى (لا، تفكيرك خاطئ وهو يناقض تفكيري وعليك أن تغيره بحيث يتناسب مع المعايير الأخلاقية حسب تفكيري أنا). عندما يجيب الطفل بالسلب أو الإيجاب، وحتى ننمي فيه ملكة "الانصاف" التي ينصحنا بها حضرة بهاءالله نقول له لنرى ماذا ينصحنا بها حضرة بهاءالله مثلا في لوح الحكمة " قد خلقتم للوداد لا للضغينة و العناد" ونطلب منه بأن يفكر مرة أخرى في الجواب الذي أجابنا به ونسأله : هل تظن بأن تفكيرك وجوابك يتطابق مع ما يطلبه منا حضرة بهاءالله؟ كوالدين يجب أن يبحث كل منا في أعماقه: ما الأضرار الروحانية التي ألحقها بطفلي عندما أملأ حيزه الذاتي بما يرضي الجد والجدة والعم والعمة والخال والخالة والأهل والأقارب والأصدقاء والمعارف و.. القائمة طويلة جدا ولا تنتهي أبدا. عندما نقول لطفلنا : لا أريد أن يقول الناس بأنك طفل غير مؤدب، فإننا في الواقع نرسم لطفلنا خارطة تبعيته ونعلن له بأنه ليس مستقلا في وجوديته الذاتية. ولكن، هل هذا ما يخبرنا به حضرة بهاءالله؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يسأله الوالدين ويبحثان عن جواب له. يتفضل حضرة عبدالبهاء
العلم هو الخطوة الأولى، والعزم والتّصميم هما الخطوة الثّانية، والعمل وإنجازه هما الخطوة الثّالثة. فإذا أردنا إقامة بناء وجب علينا أوّلاً أن نرسم خطة له، ثمّ أن تكون لدينا القدرة على إقامته، عندئذ نستطيع أن نباشر البناء
خطب عبدالبهاء في أوروبا وأمريكا ص 57
أنّ التّربية من أهمّ أوامر الله وتأثيرها كتأثير الشّمس في الشّجر والثّمر فمن الواجب المؤكّد المواظبة على تربية الأطفال والمحافظة عليهم، هذا هو المعنى الحقيقيّ للأبوّة والأمومة وشفقتهما، وبغير ذلك سيصبحون أعشابًا برّيّة ضارّة وأشجار زقّوم لا يعلمون الخير من الشّرّ ولا يميّزون الفضائل من الرّذائل، مفعمون بالغرور ومبغوضون من الرّبّ الغفور، لذلك يجب تربية جميع الأطفال المترعرعين في حديقة محبّة الله والمواظبة عليهم مواظبة تامّة
حضرة عبدالبهاء- من كتيب التربية والتعليم
|
من أحد أهم أحكام الديانة البهائية هي تربية الأطفال تربية ملكوتية منذ المراحل الأولى لنشأتهم الوجودية. يتفضل حضرة عبدالبهاء " أنّ التّربية من أهمّ أوامر الله وتأثيرها كتأثير الشّمس في الشّجر" بالإستناد على هذا النص المبارك من حضرة عبدالبهاء يشبه حضرته الوجود الإنساني وكأنها شجرة
وإن اعتبرنا الوجود الإنساني شجرة فإن بذرة كينونيتها تغرس في سنين الطفولة وتنمو هذه البذرة بالرعاية والمحبة لتتحكم جذورها في أعماق الأرض وتعلو ساقها وأغصانها وأوراقها في الفضاء الواسع اتجاه السماء. لا تموت الشجرة في ساقها وأوراقها بل تموت عندما تموت في جذورها . تعكس الشجرة جماليتها للأعين المشاهدة في تكوينها الظاهري الذي ينمو ويترعرع فوق سطح التربة، بينما تكمن أصلية وجوديتها وحقيقة جماليتها في قوة وسلامة جذورها والتي هي بطبيعة الحال غير ظاهرة للأعين المجردة رغم أن كينونة الشجرة تستند كليا عليها. تؤثر عوامل التعرية واختلاف الفصول وتوالي السنين على ظاهر الشجرة، فتتساقط أوراقها وقد تكسر أغصانها وقد تقطع من أعلى ساقها دون المساس بجذرها. ولكن يكون مظاهر ه هذا التأثير مقطعيا جزئيا، فالشجرة التي تعرت من أوراقها في الشتاء تعود إلى بهاء جماليتها في الربيع وينمو غصن جديد في موضع الغصن الذي انكسر وتبدأ الشجرة من جديد رحلة نموها وتجددها فتعلو ساقها وتعلوا إلى أن تلمس السماء من جديد
هذا التأثير الموضعي لعوامل التعرية وقسوة المناخ على وجودية الشجرة الظاهرية تختلف كليا عن تأثيراتها التدميرية الشاملة على ذاتية الشجرة المنعكسة في جذورها. فإن ماتت شجرة في جذورها ماتت لحظتها في جل وجوديتها من ساق و أغصان وأوراق. ولذا لا يسلم بموت شجرة إن كانت جذرها سالما، فمن الجذر تبدأ حياة الشجرة وبموت الجذر تنتهي حياتها. تعتبر المراحل الأولية لنشأة الشجرة (أو النبتة) من أهم العوامل المصيرية لتحديد أساسيات القوى الكينونية الذاتية لكل شجرة والتي تتمحور حول سلامة جذورها من العلل والأمراض وتغلغلها بثبات ورسوخ في عمق أعماق أرض الوجود، ذلك الحيز الغير مرئي للعيان. وتتحدد في هذه المراحل الأولية السمات الكلية التي ترتكز عليها حياة أي شجرة وذلك من خلال توفير نوعية متكاملة من الرعاية الكيفية التي تهدف في حماية وتقوية جذورها. فإن نجحنا في هذا المسعى، ومنحنا شجرتنا حقيتها الوجودية في بداية صحيحة تنمو فيها جذور ذاتيتها سالمة راسخة ثابتة، فإننا في الواقع نمنح شجرتنا حياة وارفة
وتشبه التربية الروحانية للطفل منذ المراحل الأولى لنشأة وجوديته في هذا العالم بالرعاية الكيفية التي تحتاجها كل شجرة لتقوية وتنمية جذورها في بدايات حياتها والتي تبدأ أول ما تبدأ في الحيز اللامرئي في أعماق أرض الوجود. إن تربية الطفل في السنين الأولى من ولادته تربية روحانية سليمة تعتبر من أهم الأساسيات التي ستبنى عليه مملكة كينونته الإنسانية. يملك الوالدين وظيفة مقدسة في توفير كل الإحتياجات والوسائل الضرورية اللازمة لتربية وحماية جذور روحانية طفلهما في طفولته المبكرة جدا، لأن جذور الأشجار تتحدد سلامتها وقوتها التكوينية في نوعية الرعاية و الحماية التي توفر لها لحظة أن تغرس البذرة في أرض الوجود
يملكُ كلُّ طفلٍ إحتماليةً كي يكون نوراً للعالم وفي الآن نفسه ظلامه
حضرة عبدالبهاء- ترجمة غير منقحة
ماذا لو كان هذا طفلي أو طفلك؟ مجموعة الصور هذه تعكس النحوية التي عبّر بها أحد الأطفال عن العنصرية التي يواجهها من أصدقائه في الروضة. في هذه الصور، القطة مسجونة خلف أسوارٍ تحيط به من كل جانب بحيث تشلل حركتها وتشعرها بعجزها من التحرر والإنطلاق صوب مجموعة الحيوانات التي رغم الإقتراب المكاني إلا أنها بعيدة. الحيوانات في هذه الصور تعطي ظهرها للقطة وهذا تعبير صريح عن رفضها الكلي للتعرف عليها، النظر إليها، الإقتراب منها أو قبولها كعضو في المجموعة الكلية. فماذا ستفعل إن كان هذا طفلك مبعدا خلف سياج الرفض أو كان طفلك هو من يدفع أحد الأطفال إلى هوامش الوحدة والإغتراب؟ في أغلب الأوقات لا يملك الأطفال ذخيرة كافية من الكلمات التي يستطيعون استخدامها للتعبير عن واقعهم، ولهذا فهم يعبرون عن هذا الواقع وعن مشاعرهم وأفكارهم اتجاهه من خلال لُعبهم ورسوماتهم. وسواء إن كانت القطة تعكس طفلي منبوذا من أصدقائه، أو كانت تعكس طفلا آخر نبذه طفلي مع أصدقائه، ففي الحالتين يحتاجني طفلي لأحتويه
في ظلام صمته وحيرته
"Every child is potentially the light of the world -- and at the same time its darkness"
(Abdu'l-Baha, Selections from the Writings of Abdu'l-Baha, p. 129)
" We did not play with him/her, (S)He is not allowed to play with Us, We don't want to play with him/her".
3 full sentences that our child might say it to another child or another group of children might say it to our child .
A fundamental teaching in the Baha'i Faith is the oneness of the world of humanity, Baha'u'llah says: “Ye are all leaves of one tree and the fruits of one branch.”
Perhaps it is possible to bring Universal Peace to the World if we start as early as Kindergarten-age to teach our children how to love the Other who is different than them. Perhaps we can stop those crazy wars in the world if we teach our children to accept and respect Other religions, colors, languages, races and nations.
It has to start somewhere, and if it is not in childhood, then i really don't know when is the best age to do so!
أنّ هذا العالم الذّي لا يتناهى كهيكل الإنسان وجميع أجزائه مرتبط بعضها ببعض ومتسلسلة في نهاية الإتقان، يعني كما أنّ أعضاء هيكل الإنسان وأركانه وأجزاءه ممتزجة متعاونة ومتعاضدة ومتأثّر بعضها ببعض كذلك أجزاء هذا الكون الذّي لا يتناهى كالهيكل الإنسانيّ أعضاؤه وأجزاؤه مرتبط بعضها مع بعض ومتأثّر بعضها ببعض معنىً وجسماً، مثلاً العين تنظر فيتأثّر جميع الجسم والأذن تسمع فتهتزّ جميع الأركان، وليس في هذه المسألة شبهة، لأنّ عالم الوجود أيضاً كالشّخص الحيّ، فالارتباط الذّي بين أجزاء الكائنات من لوازمه التّأثير والتّأثر سواء أكان ذلك جسمانيّاً أو معنويّاً
من مفاوضات حضرة عبدالبهاء ص 182
| يؤثر المزاج السلبي والأفكار السلبية بطريقة مباشرة على أحاسيس الطفل وتصرفاته. في أغلب الأحيان لا يلتفت الوالدان، وبالأخص الأم للموجات السلبية التي تكبل بها وجودية طفلها وتظن واهمة بأنها إن لم تتحدث عن مشاعرها السلبية وإن تظاهرت العكس وأخفت وجهها تحت قناع من التصنع فإنّ ترددات أمواج سلبيتها ستبقى في دائرتها الشخصية. يتفضل حضرة عبدالبهاء أن" الارتباط الذّي بين أجزاء الكائنات من لوازمه التّأثير والتّأثر سواء أكان ذلك جسمانيّاً أو معنويّاً"، وينطبق ما يتفضل به حضرة عبدالبهاء هنا على التأثيرالذي يتركه الوالدان على طفلهما سواء أكان هذا التأثير إيجابيا أوسلبيا. تؤثر الأم في طفلها في مراحله العمرية الأولى بدرجة أعمق من العلاقات الإجتماعية الأخرى التي ينشؤها الطفل مع من حوله وذلك لوجودها الدائم بصفة خاصة في دائرته: ويتأثر الطفل بكل الترددات والذبذبات الداخلية التي تعيشها أمه، فإما أن تغمر كيانه في بحر من الترددات الإيجابية أوأن تسجنه في غرفة مظلمة وتدمي وجوديته بذبذباتها السلبية لا يشكل الكلام السلبي الذي يسمعه الطفل حول موضوع معين أو نشاط ما الخطورة ذاتها التي تشكّلها السلبية المقنعة. ففي الأولى، يسهل تحديد مكمن الداء ومن ثم البحث عن الطرق العملية لعلاج الآثار المدمرة في الطفل بينما في الأخرى يبقى الداء مجهولا حتى عن صاحبه. فعلى سبيل المثال، إذا سمع الطفل والديه يتكلمان بالسلبية عن أحد معلميه فإنه سيتأثر بكلامهما وستتحدد مشاعره اتجاه معلمه بكيفية تعكس مباشرة أحاسيس وآراء والديه ، ولكن هنا ما يزال الوالدان يملكان فرصة لدرء خطر سلبية آرائهما على وجودية طفلهما وذلك من خلال تغيير منهجية حديثهما عن هذا المعلم. وتعتبر الكيفية التي يعكس بها الطفل تصرفاته وأحاسيسه صوب هذا المعلم من الجلاء والوضوح بحيث لا يترك شكا من أنه نتاج مباشر لتأثره بآراء والديه. بينما تعتبر السلبية المقنعة من إحدى أنماط التأثر السلبي الذي يشل وجودية الطفل من النمو السوي دون أية عوارض ظاهرية، ويشبه هذا كمن يدفن طفلا وهو حي في التراب، فيبدأ بقدميه، ثم رجله، ثم جسمه، ثم يديه، ثم رقبته، ثم رأسه، فمه، أنفه، عينه إلى أن تختفي كل مظاهر الحياة تحت أكوام التراب. فكما أن الطفل هنا لا يدرك هول الموت إلا بعد أن يموت، كذلك في السلبية المقنعة، لا يلتفت أحد إلى آثارها القاتلة إلا بعد أن يموت من الطفل كمال انسانيته ويتحول وجوديته إلى طاقة تولد ذبذبات امتدادية للسلبية المدمرة من إحدى الأمثلة على السلبية المقنعة التي يؤثر بها الوالدين على طفلهما هي أفكارهما الدفينة السلبية صوب الحلقات الدراسية الروحية والأخلاقية للأطفال ومشاعرهما السلبية الرافضة اتجاه التحاق طفلهما بإحدى هذه المجموعات الدراسية. فبالرغم من أن الوالدين يقنّعان هنا أفكارهما ولا يعلنا عنها بصورة واضحة ومباشره لطفلهما أويناقشانها أمامه في حديثهما مع الآخرين ، إلا أن الطاقة السلبية الهائلة التي تنتج عن أفكارهما تصل ذبذباتها القاتلة إلى وجودية طفلهما دون أي علم منهما، وهنا يكمن الخطر، إذ يجهل الوالدان من أنهما السبب المباشر فيما يعانيه طفلهما. فيبدأ الطفل بعد فترة من الزمان بالتذمر أو التملل من حضور دروس الأطفال، أو يفتعل الأسباب التي تضمن خروجه من الدرس أو تضمن عدم ذهابه في المرات اللاحقة. قد لا تنبع أحاسيس الوالدين السلبية بالتحديد من فكرة دروس الأطفال أو من التحاق طفلهما بإحداها، بل قد تنبع من رغبتهما في الذهاب إلى المسبح أو إلى الحديقة أو ممارسة أي نشاط آخر بدلا من اصطحاب طفلهما إلى مجموعته الدراسية وتضييع ساعتين من الزمان مثلا في انتظاره فتتولد وتتجذر في أعماق الأب أو الأم أحاسيسا سلبية تصل تردداتها إلى الطفل وتسيطر على ذهنه وتتحكم في ترسيم خارطة أحاسيسه اتجاه مجموعته الدراسية. ثم يسمع السؤال الذهبي من أمه مثلا: هل تريد اليوم أن تحضر حلقتك الدراسية أم تفضل أن نذهب إلى المسبح؟ وسيجيب الطفل في دوامة الذبذبات السلبية الدفينة التي استقبلها من أعماق أمه بالإضافة إلى رغبته الحيوية ككل طفل يعشق السباحة واللعب بأنه يرفض تماما الذهاب إلى الدرس ولا يريد شيئا سوى الذهاب الى المسبح. ومن الجدير بالذكر، أن الوالدين قد يضيقان ذرعا من استمرار طفلهما فيما بعد في رفضه لحضور حلقاته الدراسية وهنا يبدآن في التذمر علنا من فشل هذه الحلقات الدراسية في التأثير إيجابيا على طفلهما وتشجيعه على استمراريته بها. من أحد النتائج المستقبلية المحتملة لتفضيل الوالدان الذهاب إلى المسبح مثلا بدلا من اصطحاب طفلهما إلى مجموعته الدراسية هي أن ينموفي هذا الطفل سلبيته اتجاه المؤسسات الإدارية أو حضوره لجلسات الضيافة التسع عشرية ولكن دون أن يعلم حقا مصدر مشاعره السلبية. غالبا، لا تدرك الأم ولا يدرك الأب الأثر العميق الذي يتركانها في وجودية طفلهما الذي يتعرض باستمرار لترددات مشاعرهما السلبية المقنعة |
مشهد من أحد دروس الأطفال البهائية
|
هل أنت على ما يرام؟ هل أنت سعيد؟ كان هذا سؤال يردده حضرة المولى دائماً سمع حضرته أثناء سكنه في مدينة لندن صوت ضحكات عالية قادمة من مطبخ منزله، فنهض من مجلسه وأسرع لمشاركة الضاحكين فرحتهم. تفضل حضرته عند دخوله المطبخ يخاطب الخادم الإيراني ومدبرة البيت الإنجليزية، أنا سعيد جداً لفرحتكم، هل أستطيع معرفة سبب ذلك حتى أشارككم الفرحة؟ أجاب الخادم وهو يعيد ما دار من حديث بينه وبين مدبرة البيت، لقد أخبرتها أن السيدات في مجتمعاتنا الشرقية، يؤدين جميع الأعمال المنزلية كما أنهن يرتدين الخمار على وجوههن عند خروجهن من منازلهن فأجابتني هي ،أما نحن هنا في الغرب، فالسيدات لا يلبسن خماراً، ويجهدن حتى يشاركهن الرجال في أعمالهن المنزلية. ومن الأفضل لك البدء في تنظيف هذه الفضيات الآن. ضحك حضرته من كل قلبه، ثم أهدى كل واحد منهما قطعة ذهبية صغيرة ليزيد من سعادتهما (مواقف و أحداث أمرية،ص89) لا تتعارض تربية الأطفال صوب علو كمالاتهم الأخلاقية مع مشاعر الفرح والسرور بل بالعكس يعتبر كلاهما وجهان لعملة واحدة. غالبا عندما يكبر الأطفال فإن ما يتذكرونه من مراحلهم العمرية المبكّرة هي تلك اللحظات التي حفرت في وجوديتهم مشاعراً مكثفة وعميقة، سواء أكانت سعادة شديدة أو حزنا شديدا. فتخلد آثار هذه اللحظات المتطرفة في ذاكرة الطفل وتكوّن شخصيته في مراحله العمرية اللاحقة. يعتبر سرور القلب من أهم الأسس التي ترتكز عليها الهوية البهائية ، وهذا السرور هو ما يحتاج الطفل إلى أن يملأ به وجوديته المرهفة وهويخطو خطواته الثابتة اتجاه تحديد ملامح كمالات هويته البهائية. يملك الوالدان ومعلموا الأطفال اتجاهين لإختيار منهجيتهم التربوية، فإما أن يغرقوا وجودية الطفل في بحر لا نهائي من الفرح والسرور وهو يتعلم الآيات الإلهية وعند حضوره لدروس الأطفال أو أن يحفروا في ذاكرته مشاعر التعب والملل والحزن. في الحالة الأولى، يندمج السرور مع الكمالات الأخلاقية ويصبح جزءا لا يتجزأ من الهوية البهائية للطفل بينما في الأخرى يكبر الطفل وبحر عميق يفصل بين سروره وكمالاته الأخلاقية. فبالرغم من أنه قد تعلم في طفولته أن سرور قلبه تكمن في كمال تربيته الأخلاقية إلا أنه لا يحمل في ذاكرة طفولته ما يساعده في تعزيز معرفته لهذه الحقيقة. يتفضل حضرة بهاءالله في الْكَلِمَاتُ الْفِرْدَوْسِيَّةُ كَلِمَةُ اللهِ في الوِرْقِ الحَادِي عَشَرَ مِنَ الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى " يَجِبُ عَلَى الْكُلِّ أَنْ يَقْصِدُوا بِسَاطَ الْقُرْبِ بِكَمَالِ الْفَرَحِ وَالنَّشَاطِ وَالسُّرُورِ وَالانْبِسَاطِ." الْكَلِمَاتُ الْفِرْدَوْسِيَّةُ ص 96 |
لولا وجود المربّي لظلّت النّفوس متوحّشة ولولا وجود المعلّم بدا الأطفال وكأنّهم حشرات، وبناءً على ذلك كلّه فإنّ أمر التّعليم والتّربية في هذا الدّور البديع أمر إجباري وليس اختياريًّا وهذا يعني أنّه فُرِض على الوالدين فرضًا بأن يربّيا أبناءهما وبناتهما ويعلّماهم بمنتهى الهمّة ويرضعاهم من ثدي العرفان ويحتضناهم في حضن العلوم والمعارف ففي حال قصورهما بهذا الصّدد فهما مؤاخذان ومدحوران ومذموان لدى الله الغيّور
مكاتيب عبد البهاء، الجزء الأوّل، الصّفحة 404- 406
مكتبة المواضيع
August 2020
May 2020
March 2020
August 2019
July 2019
May 2019
December 2017
October 2017
September 2017
August 2016
February 2016
August 2015
June 2015
May 2015
April 2015
February 2015
December 2014
September 2014
May 2014
February 2014
December 2013
October 2013
September 2013
August 2013