مرآة القلب
إنّ تجلّي الشمس في التّراب والمرآة سواء، ولكن اعلم أنَّ الفرق بينهما
كالفرق بين الأرض والفرقدين بل الفرق بينهما ليس له انتهاء
( حضرة بهاءالله ، الكلمات المكنونة )
تهدف هذه الحلقة الدراسية إلى تربية الطفل في التعرف على ثلاثة مفاهيم روحانية. المفهوم الأول هو أن قلبه مرآة تملك خاصية انعكاس نور الشمس. أما المفهوم الثاني والثالث فهما مرتبطان بالشروط التي يجب أن تتوفر في المرآة حتى تنجح في اظهار قدرتها الذاتية في انعكاس نور الشمس. فكي تستطيع المرآة أن تعكس نور الشمس، يجب أن تحول وجهها مباشرة باتجاه الشمس حتى تتجلى فيها نور الشمس. وكي تستطيع المرآة أن تعكس نور الشمس يجب أن تكون نظيفة ومصقولة وطاهرة
تبدأ هذه الحلقة الدراسية بسؤال كل طفل عن اسمه أولا وعن المعنى الذي يعكسه اسمه. لا يعرف كثير من الأطفال المعنى الذي تعكسه أسماءهم. فمثلا، اسم سليمان تعني السلام والصلح. واسم نداء تعني الدعوة والإعلان . ومعرفة الطفل بالمعاني التي تعكسها اسمه ستمنححه الثقة كي يحاول أن يعكس جمالية اسمه في أعماله وأقواله. بعد أن يتعرف كل طفل على معنى اسمه، نسأله كيف يستطيع أن يعكس هذا المعنى في حياته اليومية من خلال أعماله وأقواله مع أسرته وأصدقائه. سيساعد هذا النشاط التمهيدي الأطفال على أن يدركوا معنى كلمة "انعكاس" من جهة ، ومن جهة أخرى بأن يتعرفوا على امكانية كل انسان في انعكاس معنى اسمه في حياته اليومية من خلال أقواله وأعماله
ثم نقرأ مع الأطفال نص حضرة بهاءالله في الكلمات المكنونة " إنّ تجلّي الشمس في التّراب والمرآة سواء، ولكن اعلم أنَّ الفرق بينهما كالفرق بين الأرض والفرقدين بل الفرق بينهما ليس له انتهاء". ولمساعدة الأطفال على ادراك المعنى الظاهري لنص حضرة بهاءالله، نحضر مرآة وحفنة من التراب ونقوم بهذا النشاط مع الأطفال. إن كان الجو مشمسا، نوجه سطح المرآة اتجاه الشمس وكذلك نوجه حفنة التراب اتجاه الشمس. أما إن كان الجو غائما أو لم يكن هناك شمس عند القيام بهذا النشاط، فيمكننا استبدال مصدر الإضاءة من نور من الشمس إلى ضوء المصباح، وذلك من خلال استخدام مصباح يدوي أو من خلال مصباح في الهاتف النقال. ثم نطلب من كل طفل أن يأخد مرة المرآة في يده، ومرة أخرى حفنة التراب ويوجههما باتجاه مصدر الضوء، سواء أكان شمسا أو مصباحا، ونسأله عمّا يلاحظه عن قدرة المرآة وحفنة التراب في خاصية انعكاس النور. فنسأله: أيهما يعكس نور الشمس: المرآة أم حفنة التراب؟ عندما يبدأ الأطفال في توجيه المرآة اتجاه مصدر الضوء، الشمس أو المصباح، فإنهم يبدأون بعكس الضوء على الجدران أو الأشياء المحيطة بهم في الغرفة، وهنا نستطيع أن نسألهم إن كان النور المنعكس يشبه في صفاته وخواصه خواص النور الذي يعكسه من المصدر؟ وبعد أن يشارك الأطفال باجاباتهم، نسألهم: إن أردنا لقلبنا أن يعكس نور الشمس في صفاته وخواصه، ترى ماذا سنختار لقلبنا أن يصبح: أيصبح مرآة أم يصبح حفنة من التراب؟ وسيجيب الأطفال بأنهم سيختارون لقلوبهم بأن تصبح مرايا تعكس النور
ثم نشرح للأطفال بأن الانعكاس يعتبر خاصية ذاتية ، فهي تسمى مرآة لأنها في ذاتيتها تملك خاصية الانعكاس، فالانعكاس جزء لا يتجزأ من كينونتها وهويتها. ونعطي لكل طفل مرآة خاصة به، ونطلب منهم أن يبحثوا في الغرفة عن خمسة أشياء جميلة وخمسة أشياء يعتبروها غيرجميلة من وجهة نظرهم. وبعد أن يجد الأطفال الأشياء الجميلة وتلك الأشياء التي يظنونها غير جميلة، نطلب منهم أن يقفوا امامها ويوجهوا مرآتهم باتجاهها. في هذا النشاط، يجب أن يكتب الأطفال على قصاصة ورقة اسم كل شيء جميل تعكسه مرآتهم من الأشياء الموجودة في الغرفة واسم كل شيء غير جميل شاهدوا انعكاسه في مرآتهم. وبعد أن ينتهي كل طفل من كتابة عشرة أشياء شاهدوا انعكاسها في مرآتهم، نطلب من الأطفال أن يشاركوا قائمة انعكاسات مرآتهم مع الآخرين. بعد أن ينتهي الأطفال من ذكر كل الأشياء الجميلة والأشياء الغير جميلة في قائمتهم ، نطلب من الأطفال بأن يختاروا من قائمتهم شيئا واحدا جميلا شاهدوا انعكاسه في مرآتهم وشيئا واحدا غير جميل شاهدوا انعكاسه في مرآتهم. ثم نسأل كل طفل بأن يصف ما يحس به ويشعره عندما ينظر إلى انعكاس هذا الجمال في مرآته وأيضا بأن يصف ما يحس به ويشعره عندما ينظر إلى انعكاس ما هو غير جميل في مرآته. سيساعد هذا النشاط الأطفال كي يدركوا أن مشاعرنا وأحاسيسنا تتأثر بما نشاهده من انعكاسات البيئة التي تحيط بنا ، سواء أكانت هذه الانعكاسات انعكاسات إيجابية أوكانت انعكاسات سلبية. وبعد أن يصف كل طفل مشاعره الإيجابية نسأله، ترى ما هو العمل الذي ستقدم عليه و ما هو التصرف الذي سيبدر منك اتجاه هذا الشيء الجميل الذي ولّد فيك هذه المشاعر الإيجابية؟ وستختلف إجابات الأطفال بحسب اختلاف الأشياء الجميلة التي يذكروها. فمثلا، قد يذكر طفل أنه أعجبه انعكاس مزهرية مليئة بالأوراد الملونة في مرآته. ثم يصف شعوره الإيجابي، فعلى سبيل المثال قد يقول بأن جمال هذه الورود الملونة ذكرته بتلك الأوقات التي يذهب فيها مع أصدقائه للحديقة ويلعب معهم بين الأشجار والورود. ولأن انعكاس هذه الورود الملونة في مرآته ولّدت عنده ذكريات إيجابية عن الصداقة لذا قد ينعكس عن هذا الشعور قرارا بأن يتصل بهم مثلا ويدعوهم إلى منزله. ونكرر هذا النشاط مع كل طفل ونسأله أيضا بعد أن يصف مشاعره السلبية: ترى ما هو العمل الذي ستقدم عليه وما هو التصرف الذي سيبدر منك اتجاه هذا الشيء الغير جميل الذي ولّد فيك هذه المشاعر السلبية؟ الهدف من هذا النشاط هو أن يدرك الأطفال بأن أعمالنا وتصرفاتنا هي انعكاسات لمشاعرنا وأفكارنا وأحاسيسنا؛ فإن كانت أحاسيسنا إيجابية فإنها ستنعكس من خلال أعمالنا الإيجابية، وإن كانت أحاسيسنا سلبية فإنها ستنعكس من خلال أعمالنا السلبية. وفي نهاية هذا النشاط نطلب من الأطفال أن يحملوا هذه المرآة معهم لأسبوع كامل أينما كانوا وأينما ذهبوا، ويكتبوا كل الانعكاسات التي يشاهدوها في مرآتهم، وأحاسيسهم اتجاه هذه الانعكاسات من أجل مناقشتها مع المجموعة في نهاية الأسبوع
ثم نوضح للأطفال بأنه رغم أن الانعكاس يعتبر خاصية ذاتية للمرآة، إلا أن انعكاس نور الشمس من المرآة لا تعتبر خاصية ذاتية في المرآة. فالمرآة تعكس كل شيء تتجه باتجاهه، فإن اتجهت صوب الشمس انعكس منها النور، وإن اتجهت صوب الظلام ، على سبيل المثال ان اتجهت صوب غرفة مظلمة، انعكس منها السواد. ثم نقرأ مرة أخرى مع الأطفال نص حضرة بهاءالله في الكلمات المكنونة " إنّ تجلّي الشمس في التّراب والمرآة سواء، ولكن اعلم أنَّ الفرق بينهما كالفرق بين الأرض والفرقدين بل الفرق بينهما ليس له انتهاء". ونشرح للأطفال أن من إحدى شروط تجلي الشمس في المرآة هي أن تكون المرآة متجهة باتجاه الشمس حتى ينعكس منها نور الشمس، وإلا فإنه سيستحيل عليها أن تعكس تجلي الشمس وإن كان الانعكاس خاصية ذاتية في هويتها المرآتية. ثم نطلب من كل طفل بأن يأخذ حفنة من التراب ويغطي بها سطح مرآته. وبعد أن يغطي كل الأطفال مراياهم بالتراب، نطلب من كل طفل بأن يوجه مرآته صوب الشمس ويخبرنا إن كانت مرآته قادرة على ان تعكس نور الشمس. سيلاحظ الأطفال من هذا النشاط بأن نور الشمس لا ينعكس من مرآتهم. وهنا نسأل الأطفال: لماذا لا ينعكس نور الشمس من مرآتك رغم أن الانعكاس يعتبر خاصية ذاتية للمرآة؟ وسيساعد الإجابة على هذا السؤال الأطفال بأن يدركوا أن هناك شرط آخر يجب أن يتحقق في المرآة حتى تنجح في اظهار قدرتها الذاتية في انعكاس نور الشمس ، وهو أن تكون نظيفة ومصقولة وطاهرة
من خلال هذه الأنشطة سيتوضح المعنى الظاهري لخاصية المرآة في نص حضرة بهاءالله. وبعد أن نقرأ نص حضرة بهاءالله مع الأطفال مرة أخرى، نسأل كل طفل: هل تريد أن يكون قلبك مرآة أم تريده أن يكون ترابا؟ وحيث أن هذه الأنشطة ساعدت الأطفال على ادراك مفهوم الإنعكاس فإن الأطفال سيختارون أن يصبح قلبهم مرآة بدلا من أن يكون حفنة من التراب. هنا نطلب من كل طفل بأن يضع المرآة على قلبه ويوجهها اتجاه الشمس أو مصدر الضوء، ويقول: قلبي مرآة يعكس النور. وبعد أن يوجه كل طفل مرآة قلبه صوب الشمس ليعكس النور، نطلب من كل طفل أن يغير من اتجاه مرآته لتعكس شيئا آخر في الغرفة، مثل الكنبة أو التلفزيون أو الكرسي. ويقول الطفل بعد أن يغير اتجاه مرآته صوب هذا الشيء: قلبي مرآة يعكس الكنبة مثلا، أو يعكس التلفزيون، أو يعكس الكرسي. وعندما ينتهي كل طفل من تغيير اتجاه مرآته نخبرهم بأن قلبهم مرآة ، وإن الانعكاس هي من الخواص الذاتية للمرآة وبما أن كل انسان هو مالك لقلبه، إذن فكل واحد منهم يملك الاختيار إن كان يريد لقلبه بأن يتجلى فيه الشمس ليعكس النور أو يختار لقلبه بأن يعكس الأشياء الأخرى من حوله
ونذكّر الأطفال مرة أخرى بالشرطين اللذين يجب أن تتوفرا في المرآة كي تعكس النور، أولهما هي ان تكون المرآة متجهة باتجاه مصدر النور، وثانيهما هي أن تكون المرآة نظيفة ومصقولة. وهنا نسأل الأطفال عن المشاعر والأحاسيس السلبية التي يمكنها أن تتحول إلى حفنة من التراب تغطي مرآة قلبهم وتحرمها من انعكاس النور. وبعد أن يذكر كل طفل احساسا سلبيا واحدا ، مثل الغضب، الحسد، الانتقام، الكراهية، الغرور، أو أي أحاسيس سلبية أخرى، نطلب من كل طفل بأن يكتب كل احساس من هذه الأحاسيس على قصاصة ورقة صغيرة، وبعد أن تتجمع قصاصة الأوراق عند كل طفل، نطلب منهم بأن يضعوا جميع القصاصات على المرآة التي يمسكونها بين يديهم، ثم نسألهم، هل تقدر هذه المرآة المغطية بهذه القصاصات أن تعكس النور؟ وبعد أن يجيب الأطفال بالنفي، نطلب منهم بأن ينظفوا سطح مرآتهم من هذه القصاصات، ونسألهم مرة أخرى: هل تقدر مرآتكم الآن بعد أن نظفناها من القصاصات بأن تعكس النور؟ وسيجيب الأطفال بالإيجاب. وعندما ينتهي كل طفل من تنظيف مرآته من قصاصات الأحاسيس السلبية، نذكرهم بأن قلبهم مرآة، وأن الانعكاس هي من الخواص الذاتية للمرآة، وبما أن كل واحد منهم هو مالك لقلبه، إذن فإن كل واحد منهم يملك الاختيار إن كان يريد أن يحافظ على قلبه نظيفا مصقولا طاهرا ليعكس النور أو أن يملأ قلبه بالمشاعر السلبية التي ستمنع قلبه من انعكاس النور. ثم نقول لكل طفل: أنت لوحدك تستطيع أن تقرر إن كنت تريد لقلبك أن يكون مرآة أو أن يكون حفنة من التراب. وأنت لوحدك تستطيع أن تقرر إن كنت تريد لقلبك أن يعكس النور لأنك أنت لوحدك تستطيع أن تقرر بتوجيه قلبك اتجاه مصدر النور. وأنت لوحدك تستطيع أن تقرر إن كنت تريد أن تحافظ على قلبك مصقولا نظيفا كي يعكس النور. من المهم جدا أن يدرك الأطفال بأن كل واحد منهم هو صاحب القرار، وأن كل واحد منهم يملك المسؤولية الكاملة اتجاه قلبه. لأنه عندما يتربى الطفل على تحمّل مسؤولية قراراته فإنه سيتربي على احترام حسن الاختيار