استقبال التأييدات الإلهية
سبحانك اللّهم انّك انت علاّم الغيوب قدّر لنا من الخير ما قد احاط به علمك فانّك انت الملك العزيز المحبوب سبحانك اللّهم انّا كنّا يومئذ من فضلك سائلين وانّا كنّا يومئذ على ربّنا متوكّلين سبحانك اللّهم قدّر لنا من الخير ما يغنينا عن دونك فانّك انت ربّ العالمين ربّ اجز الّذين هم يصبرون في ايّامك واثبت افئدتهم على صراط حقّ قويم وقدّر اللّهم لهم من الخير ما يدخلهم في جنّات النّعيم
منتخبات من آثار حضرة الباب - ص ١٥۰
يتفضل حضرة شوقي أفندي ولي الأمر
إن الدعاء والمناجاة عنصران هامان في تعميق الحياة الروحية للأفراد ولكن يجب أن يصاحب ذلك الفعل والعمل حيث إنهما النتائج الملموسة للدعاء والمناجاة. كلاهما أمران هامان
من رسالة كتبت بالنيابة عن شوقي أفندي إلى أحد المؤمنين بتاريخ 15 ايار / مايو عام 1944
ترتكز هذه الحلقة الدراسية على محور أساسي، يهدف إلى تعريف الطفل بأن عملية الدعاء والمناجاة والتأمل والتفكير في الكلمات التي يتلوها تقع ضمن سلسلة متكاملة تنتهي باستقبال التأييدات الإلهية. فيُعرّف الطفل بأن التأييدات الإلهية هي نتيجة لخطوات تسبقها، خطوات عليه أن يقوم بها قبل أن تحتويه التأييدات الإلهية. وهذه الخطوات تنقسم إلى أربعة أقسام، ثلاثة منها ترتبط بالفرد نفسه، والرابعة تختص بالرب. ونشرح للأطفال بأن مراحل هذه السلسلة هي مراحل تدريجية تؤدي كل مرحلة منها إلى التي تليها وإلى أن نصل إلى المرحلة النهائية وهي استقبال التأييدات الإلهية. ونشرح لهم أيضا بأن الانتقال من مرحلة إلى أخرى في المراحل الثلاث الأولى هي وظيفة شخصية تقع على عاتق كل فرد يرغب باستقبال التأييدات الإلهية. وكذلك بأن الإنتقال من مرحلة إلى أخرى هي بمثابة رحلة روحانية يقوم بها الفرد في كل أمر من أموره
وتبدأ هذه الرحلة أول ما تبدأ في الخطوة الأولى وهي أن يختار الفرد من أعماق وجوديته ما يتمناه بكل صدق وخلوص نية، مثلا أن يتمنى بأن يصبح لاعب كرة مشهور. وبعد اختياره لما يتمناه يخطو صوب المرحلة الثانية، وهي الدعاء والمناجاة. فيتجه بمرآة قلبه صوب نور السماء ويدعو الله كي يهديه إلى ما فيه خيره ويساعده في ايجاد الطرق التي تقوده صوب تحقيق امنيته. وتنقسم هذه المرحلة إلى قسمين، قسم يرتبط بالدعاء وقسم يرتبط بالتأمل والتفكير بعد الدعاء. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة التنفيذ والعمل. فبعد الدعاء والمناجاة والتأمل والتفكير، عليه أن يدخل ما توصل إليه في تأملاته إلى حيز التنفيذ. وهذه الخطوة مهمة جدا، إذ بدونها لن يتحرك في رحلته صوب استقبال التأييدات الإلهية. وتنقسم المرحلة الثالثة أيضا إلى قسمين، قسم يرتبط بالفرد وقسم يرتبط بالمجتمع الذي يعيش فيه. ففي القسم الأول، يجب عليه أن يتخذ الخطوات العملية اللازمة من أجل تحقيق أمنيته والوصول إلى هدفه. فمثلا إن كان يرغب بأن يصبح لاعب كرة مشهور، عليه أن يدرس ويتمرن جيدا ويحافظ على صحته البدنية والذهنية. ويرتبط القسم الثاني في المرحلة الثالثة بالخدمة العملية التي يقدمها للمجتمع الذي يعيش فيه. وقد تنعكس الخدمة هنا في هذا المثال بأن يساعد الأطفال الآخرين الأصغر سنا من خلال اعطائهم تمارينا رياضية تطور من قدراتهم البدنية أوأن يقدم لهم معلومات مفيدة تساعدهم في التطور والتميز في مجال كرة القدم. ونشرح للأطفال، عندما يقدم الفرد على هذه المراحل الثلاثة، فإنه يخطو في رحلته صوب المرحلة الرابعة ، وهذه هي المرحلة الوحيدة التي تخرج من الحيز الشخصي للفرد إذ أنها ترتبط ارتباطا مباشرا بالله تعالى حيث
هو صاحب التأييدات السماوية التي لن ينجح انسان في مسعاه بدونها
نساعد الأطفال بتلاوة هذا الدعاء من حضرة الباب “سبحانك اللّهم انّك انت علاّم الغيوب قدّر لنا من الخير ما قد احاط به علمك فانّك انت الملك العزيز المحبوب سبحانك اللّهم انّا كنّا يومئذ من فضلك سائلين وانّا كنّا يومئذ على ربّنا متوكّلين سبحانك اللّهم قدّر لنا من الخير ما يغنينا عن دونك فانّك انت ربّ العالمين ربّ اجز الّذين هم يصبرون في ايّامك واثبت افئدتهم على صراط حقّ قويم وقدّر اللّهم لهم من الخير ما يدخلهم في جنّات النّعيم” نرتكز في شرحنا لهذا الدعاء على شرح المفاهيم التالية (قدّر لنا من الخير- انّا كنّا يومئذ من فضلك سائلين)، فالله تعالى هو صاحب الخير وهو الذي ينعم الخير على خلقه، وهو تعالى صاحب الفضل وهو الذي يشمل خلقه بفضله. ونسأل كل طفل بأن يذكر بعض النعم التي منحه الله تعالى بفضله. ونترك للأطفال زمنا كافيا حتى يذكروا بعض نعم الله عليهم ومن المستحسن أن يبدأ كل طفل بذكر النعم الجسدية مثل اليدين والعينين والأذنين والرجلين وهكذا. وبعد أن ينتهي الأطفال من ذكر نعم الله عليهم، نوزع الاوراق ونسأل كل واحد منهم بأن يرسم جدولا من خانتين، خانة يكتب فيها النعم التي ذكرها وخانة أخرى يكتب فيها أمام كل نعمة العمل الذي يقدم عليه باستخدام تلك النعمة. فمثلا، نعمة العين يستخدمها في فعل النظر ونعمة الأذن يستخدمها في فعل الاستماع ونعمة اليدين يستخدمها في فعل الإمساك بالأشياء ونعمة الرجلين يستخدمها في فعل المشي أو الحركة. ونشرح للأطفال أن كل نعمة من النعم التي منّها الله تعالى عليهم قد تشمل مجموعة من الأفعال التي يستطيعون القيام بها
وبعد أن ينتهي الأطفال من كتابة جدولهم، نسألهم: من هو مصدر النعمة؟ وسيجيبون بأنه الله تعالى. ونؤكد جوابهم بقولنا أن كل الخير والنعم التي يملكها الخلق هي من فضل الخالق عليه، فالله تعالى هو مبدأ ومنشأ النعمة. ثم نسألهم: ولماذا منح الله تعالى هذه النعم؟ ونساعد الأطفال في الإجابة على هذا السؤال بالرجوع إلى الجدول الذي امامهم، ليعرفوا بأن لكل نعمة استفادة عملية. فنخبرهم، أن الله تعالى وهب الانسان نعمه حتى يستخدمها الانسان في حياته. فنعم الله لها استخدام عملي. ونسألهم مرة أخرى، حيث أن منشأ النعمة من الله تعالى، وحيث أن لكل نعمة استفادة عملية يصل إليها الفرد عندما يستخدم نعمته للقيام بهذا الفعل، فهل تظنون أن من مصلحة الفرد أن لا يستخدم النعم التي منحها الله له عمليا؟ ونساعد الأطفال في ادراك هذا السؤال من خلال هذا المثال، فنطلب من أحد الأطفال أن يتقدم، ونسأل الأطفال الحاضرين عن رأيهم إن قرر هذا الطفل القيام بفعل المشي وهو مغلق العينين ورفض استخدام نعمة عينيه لابصار طريقه ورؤية ما يحيط به. ثم نطلب من طفل آخر بأن يتقدم، ونسأل الأطفال الحاضرين عن رأيهم إن قرر هذا الطفل القيام بفعل المشي على يديه بدلا من رجليه، ورفض استخدام نعمة رجليه للمشي. ونطلب من طفل آخر بأن يتقدم، ونسأل الأطفال الحاضرين عن رأيهم إن قرر هذا الطفل القيام بفعل التنفس باستخدام نعمة الأذن بدلا من نعمة الأنف، ورفض استخدام نعمة أنفه للقيام بفعل التنفس
الهدف من هذا التمرين أن نعرّف الأطفال بأن مبدأ ومنشأ كل نعمة يملكها الفرد هو الله تعالى. وبأن لكل نعمة يملكها الفرد استفادة عملية. ونطلب منهم بأن يتخيلوا دائرة. فتبدأ الدائرة بالنعمة، ثم بالاستفادة العملية من هذه النعمة. وحتى نغلق الدائرة نسأل الأطفال، هل يمكن للفرد أن يستخدم النعمة التي يملكها عمليا إن لم يوافق الله تعالى على ذلك؟ وسيجيب الأطفال بالنفي. ونخبرهم، إذن فإن من نعمة الله على الانسان أن يؤيده بالاستخدام العملي للنعمة التي وهبه إياها، فعلى سبيل المثال: وهب الله نعمة العين، للقيام بفعل الابصار، ولاستخدام نعمة العين والقيام بفعل الابصار يحتاج الانسان إلى تأييد من الله تعالى . ونشرح هذه العملية للأطفال من خلال رسم دائرة تبدأ بالله، حيث تبدأ النعمة من عنده، ثم تمر بالاستخدام العملي لهذه النعمة من قبل الانسان، وتنتهي الدائرة وتغلق على نفسها في نقطة البداية عند الله تعالى حيث يحتاج الفرد إلى نعمة التأييدات السماوية حتى يستفيد من النعة التي منحها الله له في نقطة البداية
وبعد أن نشرح مفاهيم البداية والنهاية في هذه الدائرة من خلال توضيح أن الله هو مقدّر الخير بمنحه النعم وهومقدر الخير بارسال تأييداته للاستفادة من هذه النعم التي منحها، نخبر الأطفال بأن فعل العمل للاستفادة من نعم الله في هذه الدائرة المغلقة يقع على عاتق الفرد. فالفرد هو من يقوم بالفعل، فالقيام بالفعل تعتبر وظيفة شخصية وفقط بعد أن يقدم الفرد على القيام بالفعل يحصل على التأييدات الإلهية. وبعد هذا التوضيح نذكر الأطفال بموضوع حلقتنا الدراسية وهي أن عملية الدعاء والمناجاة والتأمل والتفكير في الكلمات التي يتلوها تقع ضمن سلسلة متكاملة تنتهي باستقبال التأييدات الإلهية. ونوضح هنا للأطفال بأن موضع الخطوات الثلاث التي تسبق استقبال التأييدات الإلهية في الدائرة المغلقة التي تبدأ وتنتهي بالله تعالى يقع في ذلك الحيز الشخصي الذي أسميناه واجب القيام العمل. ففي هذا الحيز تبدأ هذه الرحلة أول ما تبدأ في الخطوة الأولى وهي أن يختار الفرد من أعماق وجوديته ما يتمناه بكل صدق وخلوص نية. وبعد اختياره لما يتمناه يخطو صوب المرحلة الثانية، وهي الدعاء والمناجاة. فيتجه بمرآة قلبه صوب نور السماء ويدعو الله كي يهديه إلى ما فيه خيره ويساعده في ايجاد الطرق التي تقوده صوب تحقيق امنيته. وتنقسم هذه المرحلة إلى قسمين، قسم يرتبط بالدعاء وقسم يرتبط بالتأمل والتفكير بعد الدعاء. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة التنفيذ والعمل. فبعد الدعاء والمناجاة والتأمل والتفكير، عليه أن يدخل ما توصل إليه في تأملاته إلى حيز التنفيذ. وهذه الخطوة مهمة جدا، إذ بدونها لن يتحرك في رحلته صوب استقبال التأييدات الإلهية. وتنقسم المرحلة الثالثة أيضا إلى قسمين، قسم يرتبط بالفرد وقسم يرتبط بالمجتمع الذي يحيط به، فيقدم الفرد على تطوير نفسه وتطوير مجتمعه أيضا
ولمساعدة الأطفال كي يتعرفوا عن قرب على نحوية القيام بالخطوات الثلاثة لتفعيل مرحلة الإقدام على العمل نخبرهم بأننا سنقوم برحلة داخلية في أعماقنا إلى مركز القلب. فنطلب من الأطفال أن يغلقوا أعينهم، ويتنفسوا ببطء، شهيق من الأنف وزفير من الفم، ثم نقودهم إلى هذه الرحلة الداخلية حتى يصلوا إلى قلبهم. (تنفس ببطء، شهيق ، فكر في أمنية عزيزة على نفسك ترغب بشدة أن تحققها. يدخل الهواء بهدوء إلى أعماقك. زفير، بهدوء اخرج الهواء من فمك. تنفس ببطء، شهيق . تسكن هذه الأمنية في قلبك. يدخل الهواء بهدوء إلى أعماقك. زفير، بهدوء اخرج الهواء من فمك. بكل هواء جديد يدخل إلى أعماقك تقترب أكثر وأكثر إلى مركز قلبك موطن أمنيتك. بكل زفير تتعمق أكثر اتجاه قلبك. تنفس بهدوء واقترب أكثر من أمنيتك، اخرج الهواء بالزفير وتعمق أكثر اتجاه قلبك. الآن وصلت إلى مركز قلبك وترى أمنيتك بانتظارك. تنفس بهدوء واترك الطمأنينة تملأ المكان الذي وصلت إليه في أعماقك. اقترب أكثر من أمنيتك. تنفس بهدوء وحاول أن تعرف اسمها ، ما هي هذه الأمنية؟ حاول أن تقترب منها وتلمسها، هل هي كبيرة؟ هل هي صغيرة؟ كيف تشعر وأنت بقربها؟ تنفس بهدوء وفكر في احساسك وأنت مع أمنيتك. تنفس بهدوء واسمح لهواء الطمأنينة بأن يملأ قلبك. تنفس وبهدوء فكر ، ترى مالذي يجب عليك أن تفعله لتبقى مع أمنيتك.تنفس وبهدوء فكر، ما هي الخطوات العملية التي يجب عليك القيام بها لتحقق هذه الأمنية. هل يجب عليك أن تدرس أكثر؟ تنفس بهدوء وفكر . هل تحتاج إلى أن تتدرب أكثر؟ أنت الآن في مركز قلبك مع أمنيتك، تنفس بهدوء وفكر ماهي الأشياء التي عليك أن تقوم بها لتحقق هذه الأمنية؟ تنفس بهدوء وفكر. بصيص من النور يخرج من جوانب أمنيتك. شيئا فشيئا رويدا رويدا ويزداد النور، يزداد ويزداد إلى أن يغطي كل جزء في أعماقك. النور مشع وأنت تعلم الخطوات التي تحتاج إلى القيام بها من أجل تحقيق أمنيتك. قلبك يشع نورا وتخرج مع الزفير أمنيتك في اشعة النور إلى خارج جسمك. أعماقك مليئة ببحر من النور، وأمواج النور تسافر من أعماقك مع الزفير، شعاعا شعاعا، موجا موجا ، ترافقك أمنيتك في أشعة النور وتتحرك إلى الخارج معك. أنت تعلم الآن ما يجب عليك القيام به للإحتفاظ بأمنيتك. تسافر بهدوء مع هذا النور وأمنيتك معك من مركز قلبك باتجاه رأسك ليستضيء كل فكرة تخطر على عقلك لتحتفظ بأمنيتك. أنت تعلم الآن مالذي عليك القيام به للإحتفاظ بهذه الأمنية. أنت تعلم بأنك ستحاول كل جهدك من أجل تحقيق أمنيتك. أنت تعلم بأن أمنيتك معك. تنفس بهدوء، تذكر أمنيتك في مركز النور في قلبك، تذكر الأشياء التي قررت أن تعملها لتحقق أمنيتك. افتح عينيك عندما تكون مستعدا لترجع من هذه الرحلة الداخلية لتبدأ مرحلة تنفيذ قراراتك