روضة القلب
الهدف من هذه الحلقة الدراسية هي مساعدة الشباب الناشيء في التعرف من جهة على قدراتهم الذاتية في تحويل قلوبهم إلى حديقة غنّاء مليئة بورود المحبة والعشق ومن جهة أخرى تهدف هذه الحلقة الدراسية على ترسيخ مفهوم الوظيفة الشخصية التي تقع على عاتق كل انسان اتجاه قلبه وروحه. يخاطب حضرة بهاءالله الانسان في كلماته المكنونة "في روضة القلب غير ورد العشق لا تغرس"، ومن خلال هذا النص سيتعرّف الشباب الناشيء على ثلاث مفاهيم روحانية. المفهوم الأول هو أن القلب هدية سماوية من الخالق للانسان، وأن الهوية الذاتية للقلب هي أنها روضة. أما المفهوم الثاني فيرتبط بالنصيحة التي يوجهها صاحب هذه الهدية إلى الانسان الذي استلم هذه الهدية لأنه مع استلامه للهدية اصبح يملك حرية الاختيار فيما يفعل بها. ويرتبط المفهوم الثالث بهذه الحرية التي يمتلكها كل انسان ومسؤوليته اتجاه ما يفعله بحُريّته في الاختيار. فرغم أن الهوية الذاتية للقلب هي أنها روضة، إلا أن الانسان هو صاحب القرار والاختيار في أن يُحوّل هذه الروضة إلى صحراء قاحلة وأرض جردة أو أن يحافظ عليها ويزرع فيها ورود المحبة والعشق
تبدأ الحلقة الدراسية بوضع باقة من الورد الطبيعي امام الشباب الناشيء على مرمى بصرهم بحيث يستطيعوا أن يلاحظوا جمالها ويشمّوا عبيرها. ثم يُرشّ عطر الورد في كفّ أيديهم ويُطلب من كل طفل أن يغلق عينيه و يشم عبير الورد في يديه. بعد أن يشم الأطفال عطر الورد ويفتحوا أعينهم نسأل كل طفل أن يصف مشاعره في حالة وروده على حديقة غنّاء مليئة من أولها إلى آخرها بألوان شتّى من الورود الجميلة، وأن يصف مشاعره إن دخل مكانا قذراً مليئا بروائح كريهة ونتنة، مثل مكب النفايات. يُطلب من الأطفال بأن يصفوا أحاسيسهم عند دخولهم إلى المكان الأول وهي الحديقة الغنّاء، وعند دخولهم إلى المكان الثاني وهو مكب النفايات، من خلال الإجابة على أربعة أسئلة. يرتبط السؤال الأول بحاسة النظر: ماذا تشعر عند النظر إلى جمال الورود أو إلى بشاعة النفايات؟ ويرتبط السؤال الثاني بحاسة الشم: ماذا تشعر عندما تصل إلى مشامك عبير الورد أوشم الروائح الكريهة المنبعثة من النفايات؟ أما السؤال الثالث فهو يرتبط برغبتهم في البقاء في ذلك المكان أو الخروج منه: هل ترغب البقاء لمدة أطول في حديقة الورد أم تشعر أنك تريد الفرار منها؟ هل ترغب البقاء لمدة أطول في مكب النفايات أم تشعر أنك تريد الفرار منه؟ وأخيراً، يرتبط السؤال الرابع بفعل مشاركة هذا المكان مع الآخرين: هل ستعزم أهلك وأصدقائك إلى حديقة الورد حتى يسنح لهم أيضا فرصة مشاركتك في هذا الجمال الذي يحيط بك؟ هل ستعزم أهلك وأصدقائك إلى مكب النفايات؟ في هذا النشاط، عندما يتحدث كل طفل عن أحاسيسه من خلال إجابته على هذه الأسئلة فإنه سيدرك بأنه لن يرغب أبدا بأن يدعو الناس الذين يحبهم إلى مكب النفايات وسيدرك بأنه هو أيضا سيختار الفرار من هذا المكان. ونوضح لكل طفل أن امتلاكه لحرية الاختيار هي قوة ذاتية يقع على عاتقه مسؤولية التحكم في لجامها وتوجيهها. ثم نسأله إن كان يختار بأن يحوّل قلبه إلى روضة غنّاء أو إلى مكب نفايات؟ ونذكرّ الأطفال بأن كل واحد منهم صاحب قلبه، لذا فإن عبير الورد أو رائحة النفايات ستصل إليهم أولا، وستصل ثانيا إلى أهلهم وأصدقائهم لأنهم أقرب الناس إليهم. ونسألهم مرة أخرى: ماذا تختار أن تحمل معك ليلا ونهارا وأنت تمشي وتأكل وتدرس وتنام وتصحى، أتختار أن تصحى وتنام وأنت تحمل في أعماقك حديقة ورد أم تختار أن تصحى وتنام وأنت تملك مكب نفايات في أعماقك؟ ونعطي لكل طفل قصاصة ورق يكتب عليها اختياره
ولأن الأطفال تعرفوا على الفرق بين خصائص حديقة الورد وخصائص مكب النفايات فإنهم سيختارون بأن يحملوا حديقة الورد في أعماقهم.وبعد أن يكتب كل طفل اختياره على قصاصة الورق، نسألهم بأن يصفوا الجمال الذي تمتليء به روضتهم من بلابل تغني، وفراشات تملىء حديقتهم بألوانها المشرقة ونحل العسل الذي ينتقل من وردة إلى أخرى ويحول رحيقها إلى عسل لذيذ. يساعد هذا النشاط الأطفال على تكوين صورة ملموسة في أذهانهم لمظاهر الجمال الإضافية التي ستمتلىء بها حديقتهم بالإضافة إلى جمالها الذاتي المنعكس من ألوان وعبير الورود. وبعد أن يصف كل طفل جمال حديقته، نعطي لكل طفل وردة طبيعية، إن وجدت، أو صورة لوردة طبيعية. ثم نطلب من كل طفل أن يقرأ نصيحة حضرة بهاءالله للإنسان في كلماته المكنونة "في روضة القلب غير ورد العشق لا تغرس". ونسأل كل طفل بأن يكتب قائمة بأسماء كل الذين سيستلمون وردة من حديقة قلبه. يهدف هذا النشاط إلى توضيح فكرة أساسية مرتبطة بنصيحة حضرة بهاءالله. فمن أجل أن يكون الإنسان قادرا على اعطاء الورد للذين يحبهم، يجب أن يمتلك في المقام الأول وردا كي يستطيع إعطاءه، لأن فاقد الشىء لا يعطيه. فإن لم يكن يمتلك وردا فلن يكون قادرا على إهدائه للآخرين. وسيساعد إدراك هذا المفهوم الأطفال على معرفتهم بأن كل واحد منهم هو صاحب القرار والاختيار. فشرط إعطاء الورد هو امتلاكه. وشرط امتلاك الورد هو غرسه في حديقته. وحيث أنه هو الصاحب الوحيد لهذه الحديقة لذا فهو الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يزرع هذا الورد أو لا يزرعه. ونطلب من كل طفل أن يتحدث عن مدى حبه لكل اسم كتبه في قائمته والسبب الذي من أجله يرغب بأن يهديه وردة من حديقته. وبعد أن ينتهي الأطفال من ذكر أسماء كل اؤلئك الذين يرغبون بإهدائهم وردا من حديقتهم، نسأل كل طفل عن أحد الأسماء في قائمته: ترى هل سيسعد هذا الشخص استلام هذه الوردة الجميلة التي تهديها له؟ وسيجيب الطفل بالإيجاب. ثم نسأله: ترى هل تشعر بالسعادة لأنك قررت إهداء وردة جميلة من حديقتك لهذا الشخص الذي تحبه كثيرا؟ وسيجيب الطفل بالإيجاب. ثم نسأله: ترى هل كنت ستشعر بالحزن إن لم تمتلك وردا تهديه لهذا الشخص الذي تحبه كثيرا؟ وسيجيب الطفل بالإيجاب. ثم نسأله: ترى هل سيحزن هذا الشخص إن استلم منك كيساً مليئا بالنفايات بدلا من وردة جميلة؟ وسيجيب الطفل بالإيجاب. وبعد أن يجيب الطفل على هذه الأسئلة الأربعة نقول له: أنت لوحدك من يملك الاختيار فإن كنت تريد إهداء الورد عليك أولا أن تقوم بزرعه
في النشاط التالي نقسم الأطفال إلى مجموعتين ونعطي لكل مجموعة خارطة العالم ونطلب من كل مجموعة أن يبحثوا في الإنترنت عن كلمة الحب وكلمة الترحيب التي يستخدمها كل شعب من الشعوب. ثم تكتب كل مجموعة على الخارطة كلمة الحب وكلمة الترحيب التي يستخدمها شعب كل دولة من الدول، فعلى سبيل المثال، الحب باللغة الإنجليزية هي ( لاو) ومرحبا هي (هالو)، فيكتب الأطفال كلمة (لاو) وكلمة (هالو) على بريطانيا في الخارطة. وبعد أن تنتهي المجموعتان من إيجاد كلمة الحب وكلمة الترحيب في عشرة لغات مختلفة ويكتبون هذه الكلمات على الخارطة، نطلب من أعضاء كل مجموعة بأن يحاولوا لفظ كلمة الحب وكلمة الترحيب بالطريقة التي تلفظ بها في كل لغة من اللغات التي كتبوها على الخارطة. سيساعد هذا النشاط الأطفال أن يتعرفوا على الثقافات الأخرى من خلال تعلم كلمتين أساسيتين في كل لغة، وهي كلمة الحب وكلمة الترحيب. ثم نسأل كل مجموعة بأن يتشاور أعضاؤها مع بعضهم البعض ويكتبوا قائمة جماعية لأولئك الأشخاص الذين يعرفونهم وينتمي هؤلاء الأشخاص إلى ثقافات وأصول مختلفة ويذكروا ما هي هذه الأصول والثقافات. فعلى سبيل المثال، يقول أحدهم أنا أعرف شخصا هنديا، ويقول الآخر أنا أعرف شخصين من السنغال، وهكذا. نستطيع القيام بهذا النشاط على هيئة مسابقة. فبعد أن تذكر المجموعتين قائمتهما، نقارن القائمتين ونحسب ما تحتويه كل قائمة من عدد الأفراد الذين ينتمون إلى ثقافات وأصول مختلفة. ستكون المجموعة الفائزة تلك المجموعة التي تحتوي قائمتها على عدد أكبر من الأشخاص الذين ينتمون إلى أصول وثقافات مختلفة. سيساعد هذا النشاط في تشجيع الأطفال بإعطاء ورود الحب من حدائق قلوبهم أيضا للأشخاص الذين ينتمون إلى ثقافات وأصول أخرى. ثم نناقش مع كل مجموعة العوائق التي يجب أن يتخطوها من أجل زراعة حديقة الورد وأيضا الخطوات التي يجب أن يتخذوها من أجل المحافظة على سلامة حديقتهم والمحافظة على صحة ورودهم بعد غرسها حتى لا تذبل وتموت. بعد أن تذكر كل مجموعة تلك العوائق التي يجب أن يتخطوها والخطوات التي يجب أن يتخذوها من أجل المحافظة على حديقة وردهم، نسألهم: ترى ماهي الأسباب التي قد تعيق تحويل قلبكم إلى حديقة جميلة مليئة بورود الحب؟ ما هي الأشياء التي يجب أن توفروها كي تنجحوا في زراعة ورود الحب في قلبكم؟ ما هي الخطوات التي يجب عليكم أن تتخذوها للمحافظة على صحة وسلامة روضة الورد في قلبكم حتى لا تذبل ولا تموت؟ سيدرك الأطفال من خلال محاولاتهم الجماعية بالإجابة على هذه الأسئلة، بأنهم سيحتاجون إلى بذل جهد كبير جدا من أجل تحويل أرض قلبهم إلى روضة غنّاء. وسيدرك الأطفال بأنه يقع على عاتقهم مسؤولية المحافظة على ورود الحب التي غرسوها في حديقة قلبهم وإلا ذبلت وماتت، وسيتعلمون بأن الإستمرارية في الإهتمام بحديقة الحب في قلبهم يحتاج إلى إرادة قوية وإلا تحولت الحديقة إلى مكب نفايات
في آخر نشاط في هذه الحلقة الدراسية، نعطي لكل طفل صفحة رسم عليها رسمة الورد، ونطلب منهم بأن يرسموا على كل وردة الأعمال التي يعكسون من خلال قيامهم بها حبهم للآخرين ونشرح لهم بأنه عندما نزرع ورد الحب في قلبنا فإننا سنمتلك وردا لنهديه للآخرين. ثم نوضح لهم بأننا سنستطيع فقط من خلال أعمالنا إهداء ورود الحب من روضة قلبنا للآخرين