الدعاء والمناجاة
إِلهِي إِلهِي فَرِّجْ هَمِّي بِجُودِكَ وَعَطائِكَ وَأَزِلْ كُرْبَتِي بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، تَرَاني يا إِلهِي مُقْبِلاً إِلَيْكَ حِينَ إِذْ أَحاطَتْ بِيَ الأَحْزانُ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الوُجُودِ وَالمُهَيْمِنُ عَلَى الغَيْبِ وَالشُّهُودِ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ سَخَّرْتَ الأَفْئِدَةَ وَالقُلُوبَ وَبِأَمْواجِ بَحْرِ رَحْمَتِكَ وَإِشْراقاتِ أَنْوارِ نَيِّرِ عَطائِكَ، أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ ما مَنَعَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الأَشْياءِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ يا مَوْلَى الأَسْمآءِ وَفاطِرَ السَّمآءِ، أَيْ رَبِّ تَرَى ما وَرَدَ عَلَيَّ فِي أَيَّامِكَ أَسْئَلُكَ بِمَشْرِقِ أَسْمائِكَ وَمَطْلَعِ صِفاتِكَ أَنْ تُقَدِّرَ لِيْ ما يَجْعَلُنِيْ قائِمًا عَلَى خِدْمَتِكَ وَناطِقًا بِثَنائِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيْرُ وَبِالإِجابَةِ جَدِيْرٌ، ثُمَّ أَسْئَلُكَ فِي آخِرِ عَرْضِيْ بِأَنْوارِ وَجْهِكَ أَنْ تُصْلِحَ أُمُورِي وَتَقْضِيَ دَيْنِيْ وَحَوائِجِي،
إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ شَهِدَ كُلُّ ذِيْ لِسانٍ بِقُدْرَتِكَ وَقُوَّتِكَ وَذِي دِرايَةٍ بِعَظَمَتِكَ
وَسُلْطانِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ السَّامِعُ المُجِيبُ
إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ شَهِدَ كُلُّ ذِيْ لِسانٍ بِقُدْرَتِكَ وَقُوَّتِكَ وَذِي دِرايَةٍ بِعَظَمَتِكَ
وَسُلْطانِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ السَّامِعُ المُجِيبُ
(154 حضرة بهاءالله - ص )
ترتكز هذه الحلقة الدراسية على تعريف مفهوم الدعاء والمناجاة في كنهيتها وأهميتها للأطفال. وحيث أنه يصعب على الأطفال أن يدركوا معنى الارتقاء الروحاني، لأن الروح هوية لا مرئية ولا لمسية، يحتاج الأطفال إلى حواسهم الخمسة من أجل ادراك هذا المفهوم اللامرئي. وكما أن الروح حيثية لامرئية كذلك هو الحال مع هوية الذات الإلهية، ويحتاج الأطفال في المراحل الأولى في رحلتهم للتعرف على المفاهيم الروحانية إلى استدلالات حسية لمسية مرئية تعكس في وجوديتها المضامين اللامرئية اللاحسية. نستطيع تقريب مفهوم الروح إلى ذهن الأطفال من خلال انعكاسات هويته في القلب، فالاطفال قادرون على تخيل ماهية القلب لمرئيته، وكذلك نستطيع تقريب مفهوم الفضل الإلهي والرحمة الإلهية إلى ذهن الأطفال من خلال تشبيهه بالشمس (نور الشمس وحرارة الشمس)، فالشمس وجودية مرئية يستطيع الأطفال ادراك خواصه من خلال حواسهم الخمسة. بطبيعة الحال، هذه التعريفات تعريفات ابتدائية تهدف إلى تربية الأطفال ومساعدتهم تدريجيا لإدراك ماهو غير مرئي وما هوغير ملموس وما هوغير محسوس. ومن هذا المنطلق بدلا من استخدام مفهوم الارتقاء الروحاني في هذه الحلقة الدراسية سنستخدم مصطلح ارتقاء القلب الذي هو مكمن الفيوضات الربانية ومهبط الأنوار الالهية
بداية نسأل الأطفال كل على حدة بأن يصف مظاهر حبه لوالديه، ماذا يفعل لهما، كيف يتحدث معهما، كيف يشتاق إليهما ومن هذا القبيل من الوصف العملي المحسوس لمشاعر حبه اتجاه والديه. ثم نعكس سؤالنا ونسأل كل طفل بأن يصف مظاهر حب والديه له. وبعد أن يصف كل طفل كيف يشعر بحب والديه له (وهنا حتما سيذكر الأطفال تلك اللحظات التي تعكس عدم رضاء الوالدين عنهم لفعل قاموا به أو عدم رضاء الوالدين لفعل تخاذلوا عن القيام به)، وبعد أن نستمع إلى سرد كل طفل عن اللحظات التي شعر بحب والديه له وأيضا تلك اللحظات التي شعر بها بعدم رضاء والديه عنه، نسأله: وهل تظن أن الفعل الذي طلب منك والديك القيام به، أو ذلك الفعل الذي طلبا منك الاحتراز عنه نتج عن حبهما لك او كرههما لك؟ وهنا يجب أن نمنح الطفل ما يحتاجه من المساحة الزمنية اللازمة كي يدرك أن ما طلب منه والديه القيام به وما طلب منه والديه بعدم الاقدام عليه تعكس حبهما له
وحتى نساعده على ادراك هذه الحقيقة نسأله: ما رأيك، هل تظن أن قيامك بهذا العمل كان لصالحك أم إنه كان سيسبب لك الأذية؟ ومن خلال مناقشة نتائج ما طلبه منه والديه يستطيع الطفل ادراك محبة والديه له. ثم نسأله: هل تظن أن اطاعتك لوالديك ستفيدك أم أنها ستفيدهما؟ ويجب أن يدرك الأطفال من خلال مناقشة هذا السؤال بأن اطاعتهم أو عدم اطاعتهم لوالديهم لن يضر ولن ينفع أحدا إلا أنفسهم. فالوالدان لن يضرهما ولن ينفعهما اطاعة الأبناء لهما، لأن نصائحهما لأبنائهما هي درع لحماية الأبناء من الألم والحزن ونور تهديهم صوب الكمال والنجاح. بمعنى أن نصائح الوالدين تهدف في كنهيتها خير الأبناء ومصلحتهم، ولا تمنح أو تحرم الوالدين شيئا إن اختار الأبناء اطاعتهما أو عدم اطاعتهما. وبعد أن يصل الأطفال الى ادراك هذه الحقيقة نسأل كل طفل على حدة: هل تظن أن والديك يريدان ضرك فيما يمنحانه لك اوفيما يحرمانك منه؟ ويجب أن نساعد الأطفال على ادراك أن في كلتي الحالتين لا ينقص شيئا من حب والديهما لهم ولو بمقدار ذرة ضئيلة. فالحب غير مرتبط بالنتيجة الحاصلة ، او فعل الطاعة أو عدم الطاعة
وبعد أن نقرب مفهوم وطبيعة وكيفية وكنهية حب الوالدين لأطفالهم، نعكس مظاهر هذا الادراك الملموس المحسوس المرئي على الحب الالهي. ونسأل الأطفال كل على حدة: ما رأيك، هل تظن بأن الله يحبك؟ ونناقش معه جوابه من خلال أمثلة يذكرها من حياته. ثم نسأله: وهل تظن أن الله سيكف يوما عن حبك؟ وهنا قد يجيب الأطفال بالإيجاب بالقياس على أن عدم اطاعة الله في أوامره تؤدي إلى التأثير في كمية وكيفية حبه لهم. من أجل مساعدة الأطفال على ادراك كنهية المحبة الألهية من كونها ازلية خالدة ثابتة لا تتغير بتغيرنا، فإننا نذكرهم بحب والديهم ونسألهم: وهل يقل أو يتأثر حب والديكم لكم إن لم تطيعوهما في نصائحهما؟ من الذي سيكسب أو سيخسر إن أطاع أو إن لم يطع؟ وبالرجوع إلى المحسوس المرئي، نشرح تدريجيا للأطفال بأن الحب الألهي لخلقه خالد أبدي أزلي لا تغيره القرون والأعصار. إن اطاع الخلق نصائحه فانهم المستفيدون، وإن لم يطيعوا فهم الخاسرون. وفي كلتي الحالتين فالنتيجة سواء عند الله ولا تؤثر في مقدار حبه ولا كيفيته لبشره
ثم نسأل الأطفال كل على حدة، إن كان يحب الجلوس بين يدي والديه والاستماع اليه؟ ونسألهم إن كانوا سيلبون النداء فور أن ينادي عليهم والديهم؟ ونناقش معهم عن لغة المحبة التي يستخدمونها في حديثهم مع والديهم. ثم نسأل كل طفل على حدة: هل تحب والديك؟ هل تعتقد بأنهما يحبانك؟ هل تثق في حبهما لك أم تظن أنهما قد يقومان بإيذائك أو باتخاذ قرارت تهدف إلى إيذائك؟ ونساعد الأطفال في هذه المرحلة إلى تعميق جذور ثقتهم بمحبة والديهم الخالصة لهم. ثم نسأل كل طفل على حدة: بالقياس على كنيهة محبة والديك لك، ما رأيك في المحبة الإلهية؟ هل تثق في حب الله لك أم تظن أنه قد يقدم على ايذائك أو أنه سيقدم على اتخاذ قرارات تهدف إلى إيذائك؟ ونساعد الأطفال في هذه المرحلة إلى تعميق جذور ثقتهم بالمحبة الإلهية التي تحيط بهم. ثم نسألهم: إن شعرت بالحزن، بالوحدة ، بالسعادة، بالفرح أو باحتياجك للمساعدة، فهل تشعر في قلبك أنك تريد التحدث مع والديك عن أحاسيسك واحتياجاتك وأحزانك وأفراحك؟ وهل ستثق في محبة والديك لك وفي رغبتهما في احتوائك ومساعدتك أو مشاركتك في سعادتك وانتصاراتك؟ ويحتاج الأطفال إلى أن يدركوا بأن رغبتهم في التحدث مع والديهم عن احتياجاتهم وحالاتهم ماهي الا لثقتهم بحب والديهم لهم
ثم نخبرهم عن مدى حب الله لهم، إذ يكفي قوله في سبب خلقه لهم “أحببت خلقك فخلقتك”، ففي البداية كان الحب، ومن ثم حدث فعل الخلق. وهنا يبدأ حديثنا عن ماهية وكنهية الدعاء والمناجاة. فنحن من خلال الدعاء والمناجاة نتحدث مع الله عن أحاسيسنا واحتياجاتنا وأحزاننا وأفراحنا. ونسأل الأطفال، هل تتحدثون مع والديكم فقط عن أحزانكم واحتياجاتكم أم انكم تتحدثون معهما أيضا في لحظات فرحكم وبهجتكم؟ ونساعد الأطفال في ادراك كنهية الدعاء بأنها عبارة عن تحدثهم مع الله الذي يحبهم، والذي يثقون به. وأن حديثهم مع الله يكون في جميع حالاتهم السلبية منها والايجابية. فكما أن علاقتهم بوالديهم لا تكون فقط في أوقات الحزن والاحتياج، كذا الحال في علاقتهم مع الله، فهي لا تكون فقط في اوقات الحزن والاحتياج. ثم نطلب من كل طفل على حدة أن يذكر متى يدعو الله و ما الذي يطلبه من الله عندما يدعوه في هذه الاوقات؟ قد يجيب بعض الأطفال بأنهم يدعون الله كي يعطيهم لعبة أو كرة أو هدية معينة يرغبون فيها بشدة. وهنا نقول لهم، جميل جدا أن نسأل الله كي يمنحنا من بحر أفضاله ونعمه، فنحن بالمثل نسأل والدينا كن يغمرانا من بحور محبتهما وهداياهما ونعمهما. ثم نسأل كل طفل على حدة، ولكن، هل سيقل حبك لوالديك إن لم يعطياك الهدية التي طلبتها؟ وقد يجيب بعض الأطفال بالإيجاب. وهنا نسألهم، إذن فأنت تقول بأن محبتك لوالديك هي محبتك لما يعطيانك وليس حبا لهما؟ ونساعد الأطفال في ادراك كنهية حبهم لوالديهم وومشابهة هذه الكنهية لنحوية علاقتهم مع الله وارتباطهم بالمحبة الالهية من خلال الدعاء والمناجاة
ومن خلال النشاط العملي لهذه الحلقة الدراسية يمكننا مساعدة الأطفال على ادراك أهمية الدعاء والمناجاة لبقائهم أحياء. فينظر الأطفال الى نبات مزروع في التربة سواء اكان هذا في حديقة أو في مزهرية. ثم نسأل الأطفال، هل تستطيع هذه النبتة الاستغناء عن هذه التربة؟ هل تستطيع النمو خارج هذه التربة؟ من أين تتزود النبتة بغذائها ومائها التي تحيا عليهما؟ هل تستطيع ان تقول النبتة للتربة أنا مشغولة الآن ولا وقت لدي للبقاء فيك؟ وهل تستطيع ان تقول النبتة للتربة : أن بقائي فيك تضييع للوقت، فأنا استطيع أن أفعل أشياء أخرى مهمة بدلا من هذا الوقت الذي اقضيه معك ؟ وما شابه من هذا القبيل من الأسئلة التي تساعد الأطفال على ادراك أهمية التربة لحياة ونمو وبقاء النبتة، فالتربة هي الأصل، والنبتة هي من تحتاج الى التربة وليس العكس. ومن ثم نخبر الأطفال، التربة هنا تعكس الدعاء والمناجاة والنبتة تعكس الانسان، والانسان بدون الدعاء والمناجاة وبدون التحدث مع الله الذي يحبه كثيرا وبدون البقاء بقربه فإنه سيحرم من النمو وسيجف وسيذبل تماما مثل هذه النبتة التي إن ذهبت بعيدا عن التربة ذبلت وماتت. ونخبر كل طفل على حدة، كما أن حياة النبتة مرتبطة ارتباطا وثيقا ببقائها في التربة كذلك فإن حياة قلبك
مرتبط ارتباطا وثيقا بقربه من الله واستمراريته في التحدث معه من خلال الدعاء والمناجاة ، حياة النبتة يكون ببقائها في التربة وحياة قلبك يكون باستمراريته في الحديث مع الله بلغة الدعاء والمناجاة
في النشاط اليدوي، نعطي لكل طفل قطعة من الورق ونطلب من الأطفال بأن يرسموا انسانا على أوراقهم، ثم نطلب منهم أن يعبر كل وجه من الوجوه مشاعرا معينة تعكس ماهية الدعاء التي يقوم بها الشخص في ذلك الوقت، فمثلا، أن يرسم وجها غاضبا أو سعيدا، أو حزينا، أو مريضا . ثم نقطع لهم بطاقات صغيرة ونسأل كل طفل من الحاضرين بأن يكتب على كل بطاقة حالة من حالات الدعاء وطلبا من الطلبات الدعائية التي يرسلها إلى الله ثم يلصقها بالانسان الذي رسمه سابقا ، مثلا أن يكتب: أنا أدعو الله كي يشفي أمي. أو أن يكتب : أنا أدعو الله أن يوافق أبي على الذهاب في هذه الرحلة مع أصدقائي، ومن هذا القبيل
من الأدعية التي يخاطب بها الله تعالى
وفي النهاية، يهدى كل طفل دفترا به تقويم يومي ونخبر الأطفال بأن عليهم أن يكتبوا في دفاترهم ، يوميا، مرة في الصباح ومرة أخرى في المساء عن الدعاء الذي دعوا به الله تعالى ونطلب منهم باحضار دفاترهم عندما يحضرون حلقاتهم الدراسية هذه ليقرأوا على مسامع الجميع برنامج الدعاء الذي كان عندهم في الاسبوع الفائت
ترتكز هذه الحلقة الدراسية على تعريف مفهوم الدعاء والمناجاة في كنهيتها وأهميتها للأطفال. وحيث أنه يصعب على الأطفال أن يدركوا معنى الارتقاء الروحاني، لأن الروح هوية لا مرئية ولا لمسية، يحتاج الأطفال إلى حواسهم الخمسة من أجل ادراك هذا المفهوم اللامرئي. وكما أن الروح حيثية لامرئية كذلك هو الحال مع هوية الذات الإلهية، ويحتاج الأطفال في المراحل الأولى في رحلتهم للتعرف على المفاهيم الروحانية إلى استدلالات حسية لمسية مرئية تعكس في وجوديتها المضامين اللامرئية اللاحسية. نستطيع تقريب مفهوم الروح إلى ذهن الأطفال من خلال انعكاسات هويته في القلب، فالاطفال قادرون على تخيل ماهية القلب لمرئيته، وكذلك نستطيع تقريب مفهوم الفضل الإلهي والرحمة الإلهية إلى ذهن الأطفال من خلال تشبيهه بالشمس (نور الشمس وحرارة الشمس)، فالشمس وجودية مرئية يستطيع الأطفال ادراك خواصه من خلال حواسهم الخمسة. بطبيعة الحال، هذه التعريفات تعريفات ابتدائية تهدف إلى تربية الأطفال ومساعدتهم تدريجيا لإدراك ماهو غير مرئي وما هوغير ملموس وما هوغير محسوس. ومن هذا المنطلق بدلا من استخدام مفهوم الارتقاء الروحاني في هذه الحلقة الدراسية سنستخدم مصطلح ارتقاء القلب الذي هو مكمن الفيوضات الربانية ومهبط الأنوار الالهية
بداية نسأل الأطفال كل على حدة بأن يصف مظاهر حبه لوالديه، ماذا يفعل لهما، كيف يتحدث معهما، كيف يشتاق إليهما ومن هذا القبيل من الوصف العملي المحسوس لمشاعر حبه اتجاه والديه. ثم نعكس سؤالنا ونسأل كل طفل بأن يصف مظاهر حب والديه له. وبعد أن يصف كل طفل كيف يشعر بحب والديه له (وهنا حتما سيذكر الأطفال تلك اللحظات التي تعكس عدم رضاء الوالدين عنهم لفعل قاموا به أو عدم رضاء الوالدين لفعل تخاذلوا عن القيام به)، وبعد أن نستمع إلى سرد كل طفل عن اللحظات التي شعر بحب والديه له وأيضا تلك اللحظات التي شعر بها بعدم رضاء والديه عنه، نسأله: وهل تظن أن الفعل الذي طلب منك والديك القيام به، أو ذلك الفعل الذي طلبا منك الاحتراز عنه نتج عن حبهما لك او كرههما لك؟ وهنا يجب أن نمنح الطفل ما يحتاجه من المساحة الزمنية اللازمة كي يدرك أن ما طلب منه والديه القيام به وما طلب منه والديه بعدم الاقدام عليه تعكس حبهما له
وحتى نساعده على ادراك هذه الحقيقة نسأله: ما رأيك، هل تظن أن قيامك بهذا العمل كان لصالحك أم إنه كان سيسبب لك الأذية؟ ومن خلال مناقشة نتائج ما طلبه منه والديه يستطيع الطفل ادراك محبة والديه له. ثم نسأله: هل تظن أن اطاعتك لوالديك ستفيدك أم أنها ستفيدهما؟ ويجب أن يدرك الأطفال من خلال مناقشة هذا السؤال بأن اطاعتهم أو عدم اطاعتهم لوالديهم لن يضر ولن ينفع أحدا إلا أنفسهم. فالوالدان لن يضرهما ولن ينفعهما اطاعة الأبناء لهما، لأن نصائحهما لأبنائهما هي درع لحماية الأبناء من الألم والحزن ونور تهديهم صوب الكمال والنجاح. بمعنى أن نصائح الوالدين تهدف في كنهيتها خير الأبناء ومصلحتهم، ولا تمنح أو تحرم الوالدين شيئا إن اختار الأبناء اطاعتهما أو عدم اطاعتهما. وبعد أن يصل الأطفال الى ادراك هذه الحقيقة نسأل كل طفل على حدة: هل تظن أن والديك يريدان ضرك فيما يمنحانه لك اوفيما يحرمانك منه؟ ويجب أن نساعد الأطفال على ادراك أن في كلتي الحالتين لا ينقص شيئا من حب والديهما لهم ولو بمقدار ذرة ضئيلة. فالحب غير مرتبط بالنتيجة الحاصلة ، او فعل الطاعة أو عدم الطاعة
وبعد أن نقرب مفهوم وطبيعة وكيفية وكنهية حب الوالدين لأطفالهم، نعكس مظاهر هذا الادراك الملموس المحسوس المرئي على الحب الالهي. ونسأل الأطفال كل على حدة: ما رأيك، هل تظن بأن الله يحبك؟ ونناقش معه جوابه من خلال أمثلة يذكرها من حياته. ثم نسأله: وهل تظن أن الله سيكف يوما عن حبك؟ وهنا قد يجيب الأطفال بالإيجاب بالقياس على أن عدم اطاعة الله في أوامره تؤدي إلى التأثير في كمية وكيفية حبه لهم. من أجل مساعدة الأطفال على ادراك كنهية المحبة الألهية من كونها ازلية خالدة ثابتة لا تتغير بتغيرنا، فإننا نذكرهم بحب والديهم ونسألهم: وهل يقل أو يتأثر حب والديكم لكم إن لم تطيعوهما في نصائحهما؟ من الذي سيكسب أو سيخسر إن أطاع أو إن لم يطع؟ وبالرجوع إلى المحسوس المرئي، نشرح تدريجيا للأطفال بأن الحب الألهي لخلقه خالد أبدي أزلي لا تغيره القرون والأعصار. إن اطاع الخلق نصائحه فانهم المستفيدون، وإن لم يطيعوا فهم الخاسرون. وفي كلتي الحالتين فالنتيجة سواء عند الله ولا تؤثر في مقدار حبه ولا كيفيته لبشره
ثم نسأل الأطفال كل على حدة، إن كان يحب الجلوس بين يدي والديه والاستماع اليه؟ ونسألهم إن كانوا سيلبون النداء فور أن ينادي عليهم والديهم؟ ونناقش معهم عن لغة المحبة التي يستخدمونها في حديثهم مع والديهم. ثم نسأل كل طفل على حدة: هل تحب والديك؟ هل تعتقد بأنهما يحبانك؟ هل تثق في حبهما لك أم تظن أنهما قد يقومان بإيذائك أو باتخاذ قرارت تهدف إلى إيذائك؟ ونساعد الأطفال في هذه المرحلة إلى تعميق جذور ثقتهم بمحبة والديهم الخالصة لهم. ثم نسأل كل طفل على حدة: بالقياس على كنيهة محبة والديك لك، ما رأيك في المحبة الإلهية؟ هل تثق في حب الله لك أم تظن أنه قد يقدم على ايذائك أو أنه سيقدم على اتخاذ قرارات تهدف إلى إيذائك؟ ونساعد الأطفال في هذه المرحلة إلى تعميق جذور ثقتهم بالمحبة الإلهية التي تحيط بهم. ثم نسألهم: إن شعرت بالحزن، بالوحدة ، بالسعادة، بالفرح أو باحتياجك للمساعدة، فهل تشعر في قلبك أنك تريد التحدث مع والديك عن أحاسيسك واحتياجاتك وأحزانك وأفراحك؟ وهل ستثق في محبة والديك لك وفي رغبتهما في احتوائك ومساعدتك أو مشاركتك في سعادتك وانتصاراتك؟ ويحتاج الأطفال إلى أن يدركوا بأن رغبتهم في التحدث مع والديهم عن احتياجاتهم وحالاتهم ماهي الا لثقتهم بحب والديهم لهم
ثم نخبرهم عن مدى حب الله لهم، إذ يكفي قوله في سبب خلقه لهم “أحببت خلقك فخلقتك”، ففي البداية كان الحب، ومن ثم حدث فعل الخلق. وهنا يبدأ حديثنا عن ماهية وكنهية الدعاء والمناجاة. فنحن من خلال الدعاء والمناجاة نتحدث مع الله عن أحاسيسنا واحتياجاتنا وأحزاننا وأفراحنا. ونسأل الأطفال، هل تتحدثون مع والديكم فقط عن أحزانكم واحتياجاتكم أم انكم تتحدثون معهما أيضا في لحظات فرحكم وبهجتكم؟ ونساعد الأطفال في ادراك كنهية الدعاء بأنها عبارة عن تحدثهم مع الله الذي يحبهم، والذي يثقون به. وأن حديثهم مع الله يكون في جميع حالاتهم السلبية منها والايجابية. فكما أن علاقتهم بوالديهم لا تكون فقط في أوقات الحزن والاحتياج، كذا الحال في علاقتهم مع الله، فهي لا تكون فقط في اوقات الحزن والاحتياج. ثم نطلب من كل طفل على حدة أن يذكر متى يدعو الله و ما الذي يطلبه من الله عندما يدعوه في هذه الاوقات؟ قد يجيب بعض الأطفال بأنهم يدعون الله كي يعطيهم لعبة أو كرة أو هدية معينة يرغبون فيها بشدة. وهنا نقول لهم، جميل جدا أن نسأل الله كي يمنحنا من بحر أفضاله ونعمه، فنحن بالمثل نسأل والدينا كن يغمرانا من بحور محبتهما وهداياهما ونعمهما. ثم نسأل كل طفل على حدة، ولكن، هل سيقل حبك لوالديك إن لم يعطياك الهدية التي طلبتها؟ وقد يجيب بعض الأطفال بالإيجاب. وهنا نسألهم، إذن فأنت تقول بأن محبتك لوالديك هي محبتك لما يعطيانك وليس حبا لهما؟ ونساعد الأطفال في ادراك كنهية حبهم لوالديهم وومشابهة هذه الكنهية لنحوية علاقتهم مع الله وارتباطهم بالمحبة الالهية من خلال الدعاء والمناجاة
ومن خلال النشاط العملي لهذه الحلقة الدراسية يمكننا مساعدة الأطفال على ادراك أهمية الدعاء والمناجاة لبقائهم أحياء. فينظر الأطفال الى نبات مزروع في التربة سواء اكان هذا في حديقة أو في مزهرية. ثم نسأل الأطفال، هل تستطيع هذه النبتة الاستغناء عن هذه التربة؟ هل تستطيع النمو خارج هذه التربة؟ من أين تتزود النبتة بغذائها ومائها التي تحيا عليهما؟ هل تستطيع ان تقول النبتة للتربة أنا مشغولة الآن ولا وقت لدي للبقاء فيك؟ وهل تستطيع ان تقول النبتة للتربة : أن بقائي فيك تضييع للوقت، فأنا استطيع أن أفعل أشياء أخرى مهمة بدلا من هذا الوقت الذي اقضيه معك ؟ وما شابه من هذا القبيل من الأسئلة التي تساعد الأطفال على ادراك أهمية التربة لحياة ونمو وبقاء النبتة، فالتربة هي الأصل، والنبتة هي من تحتاج الى التربة وليس العكس. ومن ثم نخبر الأطفال، التربة هنا تعكس الدعاء والمناجاة والنبتة تعكس الانسان، والانسان بدون الدعاء والمناجاة وبدون التحدث مع الله الذي يحبه كثيرا وبدون البقاء بقربه فإنه سيحرم من النمو وسيجف وسيذبل تماما مثل هذه النبتة التي إن ذهبت بعيدا عن التربة ذبلت وماتت. ونخبر كل طفل على حدة، كما أن حياة النبتة مرتبطة ارتباطا وثيقا ببقائها في التربة كذلك فإن حياة قلبك
مرتبط ارتباطا وثيقا بقربه من الله واستمراريته في التحدث معه من خلال الدعاء والمناجاة ، حياة النبتة يكون ببقائها في التربة وحياة قلبك يكون باستمراريته في الحديث مع الله بلغة الدعاء والمناجاة
في النشاط اليدوي، نعطي لكل طفل قطعة من الورق ونطلب من الأطفال بأن يرسموا انسانا على أوراقهم، ثم نطلب منهم أن يعبر كل وجه من الوجوه مشاعرا معينة تعكس ماهية الدعاء التي يقوم بها الشخص في ذلك الوقت، فمثلا، أن يرسم وجها غاضبا أو سعيدا، أو حزينا، أو مريضا . ثم نقطع لهم بطاقات صغيرة ونسأل كل طفل من الحاضرين بأن يكتب على كل بطاقة حالة من حالات الدعاء وطلبا من الطلبات الدعائية التي يرسلها إلى الله ثم يلصقها بالانسان الذي رسمه سابقا ، مثلا أن يكتب: أنا أدعو الله كي يشفي أمي. أو أن يكتب : أنا أدعو الله أن يوافق أبي على الذهاب في هذه الرحلة مع أصدقائي، ومن هذا القبيل
من الأدعية التي يخاطب بها الله تعالى
وفي النهاية، يهدى كل طفل دفترا به تقويم يومي ونخبر الأطفال بأن عليهم أن يكتبوا في دفاترهم ، يوميا، مرة في الصباح ومرة أخرى في المساء عن الدعاء الذي دعوا به الله تعالى ونطلب منهم باحضار دفاترهم عندما يحضرون حلقاتهم الدراسية هذه ليقرأوا على مسامع الجميع برنامج الدعاء الذي كان عندهم في الاسبوع الفائت