طوبى لمن اختار أخاه على نفسه
يهدف هذا الدرس إلى شرح ارتباط الخدمة بالحب، وشرح مفهوم الحب على أنه يمثل منطق الشمولية وليس التمييز والاختيار
في البداية يتعرف الأطفال على معنى الخدمة بأنه يرتبط بفعل العطاء. فأي شيء يعطونه دون انتظار مقابل، يعتبر خدمة. وقد يكون
هذا العطاء عملا يعملونه لشخص ما، أو لشيء ما مثل الحيوان أو النبات. مثلا كأن ينظفوا البيت ويخدموا بذلك أمهم. أو يأووا حيوانا أو طيرا جريحا في بيتهم إلى أن يشفى. كما قد يكون هذا العطاء من خلال منح شيء يحتاجه شخص أو حيوان أو نبات، مثل أن يعطوا
المال للفقير أو أن يطعموا الحيوان أو أن يسقوا النبات. فهذا النوع من الخدمة مرتبط باعطاء شيء يحتاج إليه الطرف المقابل، فالفقير
يحتاج إلى المال، والحيوان الجائع يحتاج إلى الطعام، والنبات يحتاج إلى الماء كي لا يذبل . توضيح مفهوم الخدمة بشقيه: عمل شيء أو
منح شيء، يساعد الأطفال على توسيع افاق معرفتهم حول قدراتهم للعطاء. فهم لا يحتاجون أن ينتظروا كي يكبروا ليخدموا عن طريق منح شيء للآخرين، أو أن ينتظروا ليحصلوا على المال كي يخدموا، بل يمكنهم منذ اللحظة أن يخدموا من خلال أعمال المساعدة التي
يقدمونها لكل من يحتاج إليها. وهنا نسأل الأطفال أن يذكروا أمثلة عن الخدمات التي يستطيعون القيام بها
بعد الاستماع إلى نقاش الأطفال حول نوعية الخدمات التي يستطيعون القيام بها، سواء أكانت من خلال عمل شيء أو منح شيء، نسألهم ترى ما هو العامل المهم الذي حفزكم وجعلكم تقدمون على الخدمة؟ ونسمح للأطفال بالوقت الكافي كي يشرحوا الحافز الذي جعلهم
يخدموا ذلك الشخص أو الحيوان أو النبات. ولنساعدهم في مناقشتهم لهذا السؤال، نسألهم ترى هل كان شعورهم بالحب أو بالكره اتجاه
ذلك الشيء هو الذي حفزهم على عمل الخدمة؟ ونطرح عليهم هذه الفكرة للمناقشة: هل يمكنك أن تعطي شيئا تحبه لانسان تكرهه؟ وهل يمكنك أن تأوي حيوانا مريضا في بيتك إن كنت تكرهه؟ ونطلب من الأطفال أن يذكروا الخدمات التي يقدمها لهم والديهم، تضحيات
الأم من أجلهم وعطاء الأب لهم. وبعد أن يذكر الأطفال الخدمات التي يقدمها لهم والديهم نسألهم: هل خدمات الوالدين لكم هي نتيجة
حبهما لكم أو كرههما؟ وبطبيعة الحال، سيجيب الأطفال بأنه الحب. ويساعد هذا النقاش في أن يدرك الأطفال بأن فعل الخدمة يحتاج إلى الحب وأنه مرتبط به ارتباطا وثيقا، فبدون احساس الحب، لا يستطيع الانسان أن يخدم
ومن هنا ننتقل إلى شرح مفهوم الحب على أنه مرتبط بالفعل وليس بالقول. فحب الأم لأطفالها تظهر من خلال الأعمال التي تقوم بها من أجلهم، وحب الأب لأطفاله تظهر من خلال الأعمال التي يقوم بها من أجلهم. فالحب لا يقف عند الكلمة، بل يتعداها للعمل وللعطاء
وهذه هي الخدمة. ونذكر بعض الأمثلة عن فعل العطاء الذي يعكس الحب في كنهيته، مثل تدريس المعلم للتلاميذ، ورعاية البستاني
للزرع، والطبيب للمرضى. ثم نذكر الأطفال، بأن الحب هو الحافز الأساسي الذي يجعل المعلم يهتم بخير تلاميذه، والبستاني بزرعه
والطبيب بالمرضى. ولأن الحب لا يظهر إلا من خلال العمل، فإن المعلم كي يظهر حبه يحتاج إلى أن يقدم على فعل التعليم، والبستاني كي يظهر حبه يحتاج إلى أن يقدم على أعمال الفلاحة لأرضه وسقاية زرعه ورعايتها وحمايتها، وكذلك يحتاج الطبيب كي يظهر حبه
للمريض إلى أن يقوم بتشخيص دائه وعلاجه ووصف الدواء له. فحبهم دون هذا العمل لن ينفع الطرف المقابل ولن يؤدي إلى أي نتيجة. ولهذا نستطيع أن نقول بأن الحب والخدمة يكوّنان دائرة مغلقة، فالحب بدون الخدمة، والذي هو العمل، لا حقيقة له، وكذلك الخدمة دون الحب لا يمكن تحقيقه، فكلاهما جزء لا يتجزأ من وجودية الآخر. ثم نطلب من الأطفال ان يذكروا أمثلة عن أشخاص يحبونهم، مثل
أصدقائهم ونسألهم كيف يظهرون هذا الحب لهم؟ ومن خلال أمثلتهم نشرح لهم بأن بالعمل وحده، وهذا العمل يعرف بأنه الخدمة
يظهرون الحب الذي بأعماقهم إلى أرض الواقع
في هذه المرحلة وبعد أن يدرك الأطفال ارتباط الخدمة بالحب، والحب بالخدمة، ننتقل إلى توضيح مفهوم شمولية الحب بدلا من كونه
مختصا بمجموعة صغيرة من الكائنات. ولتوضيح هذا المفهوم نستخدم كلمة “حجم” في ارتباطها بالقلب. فنقول “حجم صغير” “قلب صغير” ، “ حجم كبير” “قلب كبير”. وينمو حجم القلب نموا تصاعديا، بحيث يكون في البداية صغيرا جدا جدا، ونشبهها بحجم حبة
الأرز. فنحضر حبة أرز، ونعطيها لكل طفل، ثم نسألهم، ترى إن كان قلبنا بحجم حبة الأرز هذه، فيا ترى كما انسانا سيسع فيه؟ ونشجع الأطفال على مناقشة صغر حجم حبة الأرز وكيف أنه لا يمكن أن يسع فيه شيء. ثم نرسم نقطة صغيرة على ورقة أمامنا، أو لوحة
ونقول للأطفال، هذه النقطة هي حبة الأرز، وهي تمثل القلب الصغير الذي لا يحب أحدا، حتى صاحبه. ثم نتدرج في رسم قلوب بأحجام مختلفة، فوق القلب الصغير الذي يشبه حبة الأرز. فنرسم قلبا صغيرا جدا، ونقول بأن هذا القلب صغير جدا بحيث لا يستطيع أن يحب
إلا انسانا واحدا. ثم نسأل الأطفال، ما رأيكم، من تظنون بأن هذا القلب يحبه؟ ونساعد الأطفال ليتعرفوا على أن القلب الصغير الذي لا
يحب إلا شخصا واحدا، هو قلب الانسان الأناني، الذي لا يحب إلا نفسه. ثم نرسم هيئة انسان بجانب هذا القلب الصغير للدلالة على أنه
يسع فقط لحب انسان واحد. ثم نتدرج في رسمنا للقلوب بأحجام مختلفة، ونرسم قلبا أكبر بقليل من سابقته. وفي كل مرة نضيف شخص
أو شخصين يستطيع هذا القلب أن يحبهم. ونبدأ بأفراد الأسرة. فالقلب الذي يسع شخصين فقط، هو قلب انسان يحب نفسه وربما يحب
أحد والديه. والقلب الذي يليه في الحجم، سيسع ثلاثة أشخاص، وهكذا يمثل هذا القلب قلب انسان يحب نفسه ووالديه. ويكبر حجم القلب
قليلا ليسع حب الأخوة والأخوات فيه. وفي الحجم الذي يليه، يستطيع هذا القلب حب أفراد الأسرة وبعض الأصدقاء. وهكذا نتدرج في
رسم القلب، الذي يمثل الحب، وفي كل مرحلة من مراحل الحب الذي يكنه القلب، نسأل الأطفال كي يشرحوا كيف يظهرون هذا الحب
من خلال العمل، ونذكرهم بأن هذا العمل هو الخدمة، للأشخاص الذين يسعهم قلبهم
وأيضا كلما كبر حجم القلب، نقارنها بالقلب الصغيرالذي يشبه حجمه حجم حبة الأرز، ونشرح لهم بأن القلب الصغير لا يسكنه الحب
بل الكره. ونخبرهم بأن الكلمة السحرية التي تحول القلب من أي حجم إلى حجم حبة الأرز هي كلمة “ الكُره”: “ أكره، أكرهك، أكرهه، أكرهها، أكرههم”. ونحذرهم بأن هذه الكلمة خطيرة جدا جدا ولها قدرة كبيرة على تصغير حجم قلبنا
ونستمر بالتدرج في رسم أحجام القلب تصاعديا، وننتقل في كل مرحلة إلى مجموعة من الناس يحبهم ذلك القلب ويسكنون فيه، مثل
القبيلة، ثم الذين ينتمون إلى وطن واحد، ثم إلى مجموعة جغرافية واحدة، ثم إلى قارة واحدة، ثم إلى دين واحد، وهكذا حتى يكبر حجم
القلب ويسع فيه أناس من أشكال وألوان وأديان وجنسيات مختلفة. ثم نصل إلى المرحلة الأخيرة ونرسم قلبا كبيرا جدا جدا يحتوي هذه
القلوب كلها بداخله. ونسأل الأطفال، ترى ما رأيكم، كم شخصا يستطيع هذا القلب أن يحب. وسيذكر الأطفال أرقاما خيالية، وهذا هو
الهدف، فمن خلال أرقامهم الخيالية، سيتعرف الأطفال بأن القلب الكبير يحب بلا نهاية، وهو غير محدد بكنهية الناس وانتمائهم، فهو
يحب الجميع. وهنا نقارن بين القلب الكبير والقلب الذي كان بحجم حبة الأرز، فالقلب الكبير يحب كل شيء بلا نهاية، والقلب الذي
يشبه حجمه حجم حبة الأرز لا يحب شيئا. ونذكرهم، بأن كلمة “الكُره” هي الزّر المدمّر الذي يحول قلب الانسان إلى حبة أرز صغيرة
بعد أن نرسم القلب الكبير وهو يحيط بكل القلوب الأخرى، نرسم أيضا بداخله الشجر والطير والحيوان ونشرح للأطفال، بأن البيئة التي نعيش فيها تحتاج أيضا إلى أن نحبها. ثم نطلب منهم أن يذكروا كيف يستطيعون أن يظهروا حبهم من خلال أعمالهم للأشياء التي تحيط
بهم في البيئة التي يعيشون فيها. ثم نطلب من الأطفال أن ينظروا جيدا إلى الرسم الذي أمامهم، ويذكروا ملاحظاتهم. ومن خلال هذا
النشاط، نشجع الأطفال كي يناقشوا قدراتهم في الحب والخدمة عند مناقشتهم لحجم قلوبهم. ومن خلال التجربة العملية مع الأطفال
في هذا الدرس، فإن الأطفال جميعهم في نهاية الدرس سيصبحون متحمسين جدا كي يصبح كل واحد منهم صاحب قلب كبير ولا يرغب أي منهم أن يرى قلبه حبة أرز صغيرة. وفي النهاية، نلفت نظر الأطفال بأن هذا القلب الكبير الذي يرونه أمامهم لا يسع فيه فقط القلوب
الأخرى بأحجامها المختلفة، ولا يحتوي فقط الحيوان والنبات والطير، بل هو أيضا يسع فيه القلب الصغير جدا الذي يشبه حجمه حجم
حبة الأرز. ونشرح لهم، بأن القلب الكبير، يحب الجميع، ولا يكره أحدا، لأن الكره سيحوله إلى قلب صغير