لحظة ولادة الطفل يجب أن يُتلى دعاء المولود ثلاث مرات في أذنه اليمنى
قد جئتُ بأمر الله، وظهرتُ لذكره، وخُلقتُ لخدمته العزيز المحبوب
ترسم هذه الآية المباركة خارطة حياة الإنسان منذ الثواني الأولى لولادته. وتحدد من جهة منهجية التربية التي يجب على الوالدين اتباعها في تربية طفلهما ومن جهة أخرى تحدد للفرد منهجية حياته وهدف خلقته. يتفضل حضرة بهاءالله في الكلمات المكنونة " أحببت خلقك فخلقتك"، والسؤال الذي يتردد صداه في وجوديتنا الإنسانية هو : لماذا أحبَّ الله خلْقُنا ولماذا خلَقَنا؟ وما الجواب إلا في دعاء المولود الذي يلخص حياة الإنسان والهدف من خلقته في هدفين : ذكره وخدمته ( التبليغ والخدمة). هذان هما السبب المباشر الذي من أجله أحب الله خلقنا " أحببت خلقك" وهذا ما يعنيه دعاء المولود " قد جئتُ بأمر الله" : فالله قد أحب خلقنا وهكذا فقد خُلِقنا بأمره. أما السبب الذي من أجله أحب خلقنا وأمر بخلقنا فهي لذكره وخدمته
يتفضل حضرة بهاءالله في كتاب الأقدس: " تزوجوا يا قوم ليظهر منكم من يذكرني بين عبادي"، فالهدف من الزواج هو ولادة هذا الطفل والهدف من ولادة هذا الطفل هو ليذكر مولاه بين عباده. ولكن مازال يتردد صدى السؤال في كل خلية من خلايا وجوديتنا: كيف أذكر حضرة عبدالبهاء، كيف أذكر حضرة بهاءالله ، كيف أذكر الله؟ هل يعني الذكر هنا الدعاء، هل خُلقنا لنعيش في صومعة وندعوا الله ليل نهار أم أنه يعني أن نذكر محبة الله وحبه " أحببتُ خلقك فخلقتك" لعباده وأن نحدثهم عن عظيم نوره رغم ضياع خطواتهم في دهاليز الظلام. يعني ذكر الله في معجم المعاني: حَمِدَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، سَبَّحُهُ ، مَجَّدَهُ . ذكر الله هي تبليغ عباده عن هذا الحب الذي خلقوا أول ما خلقوا من كنهيته
ويتواءم هذا الحديث عن الذكر و الحب مع عمل الحب وهو الخدمة. تعني الخدمة في معجم المعاني : مساعدة أو فضْل ، هديَّة ، منحة ، عناية واهتمام. يتفضل حضرة الباب في دعاء المولود " قد جئتُ بأمر الله، وظهرتُ لذكره، وخُلقتُ لخدمته العزيز المحبوب" ولكن كيف يخدم الفرد خالقه العزيز المحبوب؟ ما هي المساعده أو الفضل أو الهدية أو المنحة أو العناية أو الإهتمام التي يستطيع الفرد أن يقدمها إلى الله؟ إن الله لا يحتاج إلينا ولا إلى مساعدتنا ومع ذلك يحدد لنا هدف وجوديتنا في فعل الخدمة. فمن نخدم؟ وكيف نخدم؟ نخدم الله في خدمتنا لعباده
تتشكل هوية طفلنا وملامح وجوديته وكينونته الروحانية منذ اللحظات الأولى التي نهمس في أذنه اليمنى الكلمات الإلهية التي أنزلت من أجل الترحيب به عند ابتداء رحلته اللانهائية في عوالم الملكوت. وينمو الطفل ويتطورفي خارطته الوجودية من خلال تربية هويته البهائية التي تتمحور حول مركزية الحب، الحب الذي خلق منه والحب الذي يجب أن يمنحه للآخرين. عندما يلد الطفل، تلد معه آمال والديه وأحلامهما له، فيرغب أحدهما بأن يصبح طبيبا أو مهندسا ويرغب الآخر بأن يصبح عالما أو رائد فضاء مثلا، ولكن نادرا ما يخطر بذهن الوالدين في أن يكبر طفلهما ليصبح خادما للإنسانية. يحلم الوالدان لطفلهما بأن يصبح مهندسا أو طبيبا من أجل المنافع الذاتية التي سيحصل عليها وليس من أجل الخدمة الجليلة التي سيستطيع أن يقدمها للبشرية. وفي غمرة انشغال الوالدين في تربية طفلهما بالنحوية التي تعكس آمالهما وأحلامهما ينسيان أن الهدف من زواجهما كان ولادة هذا الطفل، وأن الهدف من خلق هذا الطفل هو ذكر الله وخدمة العالم الإنساني. سيتحول هذا الأرض إلى أرض أخرى إن رُبي الأطفال منذ اللحظات الأولى من ولادتهم على الخدمة ونشر المحبة. وسيتحول هذا الأرض إلى أرض أخرى إن تشربت وجودية الأطفال منذ اللحظات الأولى لولادتهم من نور الحب الذي خلقوا منه. تبدأ التربية الروحانية للطفل أول ما تبدأ لحظة ولادته في هذا العالم ولحظة استماعه للخطاب الإلهي له عن الهدف الذي خلق من أجله
يتفضل حضرة بهاءالله
فطوبی لمن آمن بك و بآياتك و خضع بسلطانك و شرّف بلقائك و بلغ برضائك و طاف فی حولك و حضر تلقاء عرشك* فويل لمن ظلمك و أنكرك و كفر بآياتك و جاحد بسلطانك و حارب بنفسك و استكبر لدی وجهك و جادل ببرهانك و فرّ من حكومتك و اقتدارك و كان من المشركين فی ألواح القدس من أصبع الامر مكتوبا
لوح الزيارة- حضرة بهاءالله