طفلنا النجم وطفلنا القمر وطفلنا الكوكب
هُوَ اللهُ
إِلهِي إِلهِي هؤلاءِ الأَطْفالُ فُرُوعُ شَجَرَةِ الحَياةِ وَطُيُورُ حَدِيقَةِ النَّجَاةِ، لآلِئُ صَدَفِ بَحْرِ رَحْمَتِكَ وَأَوْرَادُ رَوْضَةِ هِدَايَتِكَ. رَبَّنا إِنَّا نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ وَنَتَضَرَّعُ إِلَى مَلَكُوتِ رَحْمَانِيَّتِكَ أَنْ تَجْعَلَنا سُرُجَ الهُدَى وَنُجُومَ أُفُقِ العِزَّةِ الأَبَدِيَّةِ بَيْنَ الوَرَى وَعَلِّمْنا مِنْ لَدُنْكَ عِلْمًا يا بهاءَ الأَبْهى. ع ع
13 مجموعة مناجاة للأطفال، ص
يدعو حضرة عبدالبهاء في هذه المناجاة التي نزلت من قلمه المبارك للأطفال ليصبحوا " سُرُجَ الهُدَى وَنُجُومَ أُفُقِ العِزَّةِ الأَبَدِيَّةِ بَيْنَ الوَرَى". جاء فيمعجم المعاني الجامع معنى السراج على أنه الشمس، مستوحيا بالآية القرآنية الكريمة { وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا } . والشمس نجمٌ، وجاء في هذا المعجم بأن النجمة هي أَحدُ الأجرام السماوية المضيئة بذاتها في حين أن الكوكب هو جِرْمٌ سماويٌّ يدور حول الشمس ويستضئ بضوئها بينما القمر جِرْمٌ سماوىٌّ صغيرٌ يدور حول كوكب أَكبرَ منه ويكون تابعًا له. يعتبر الكوكب والقمر جرمان مظلمان في تكوينهما الذاتي ويقتبسان ضوءهما فقط من خلال لحظية وجوديتهما في مدار نجمتهما. ولكن ورغم أن الكوكب والقمر كليهما جرمان سماويان تابعان للنجم ويدوران في مداره، يأتي عليهما حين من الزمان عندما تعكس ذاتيتهما ظلام وجوديتهما بدلا من نور نجمتهما في حين تشع النجمة دائما في نورها ولا تعيش ظلاما في لحظياتها الزمنية. وتقع على الوالدين مسؤولية تربية طفلهما في هويته النجمية منذ اللحظات الأولية من بدايات نشأته الانسانية
يتفضل حضرة عبدالبهاء " كلّ طفل يمكنه أن يغدو سببًا لإنارة العالم أو علّة لظلمة الآفاق، لهذا يجب اعتبار مسألة التّربية أمرًا في غاية الأهمّيّة، يجب إرضاع الأطفال من مستهلّ طفولتهم حليب ثدي محبّة الله وتربيتهم في حضن معرفة الله، حتّى يصبحوا نورانيّين ورحمانيّين يتعلّمون العلم والحكمة ويتخلّقون بأخلاق الملائكة " (كتيب التربية والتعليم، ص 34). تربية الطفل ليصبح نجما، يختلف بطبيعة الحال عن تربيته ليصبح كوكبا أو قمرا. ليس أن الكوكب أو القمر يعتبران أقل شأنا من النجم، فقد جاء في القرآن الكريم{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ }، ولكن من حيث خاصية النور والظلام، فإن النجمَ يُعرّف بالنور في ذاتيته، وهي ذاتية تشبه ذاتية الملائكة والتي توصف بأنها "مخلوقات أنشأها الله من نورٌّ" . إن لحظات من التمعن فيما ينصحنا به حضرة عبدالبهاء يجعلنا ندرك بجلاء عمق وظيفتنا الأساسية اتجاه تربية طفلنا صوب هويته الروحانية كي يتخلق "بأخلاق الملائكة" و"يغدو سببا لإنارة العالم" . تعتبر الحرارة والسطوع والحقل المغناطيسي من أهم الخصائص الفيزيائية التي تتصف بها كل نجمة بالإضافة إلى أنها مصدر الطاقة في الكواكب والأقمار التي تتواجد في مدارها. بينما يتصف القمر بأن سطحه معتم جداً، حيث أن له انعكاساً مماثلاً للفحم. من احدى النتائج الأولية التي تتجلى في الطفل عند تربيته ليصبح نجما بازغا هي منحه النور والحرارة لكل ساكني هذا العالم دون تفرقة أو عنصرية وبذلك يعكس في كينونته الوجودية ما خلَقَنا من أجله حضرة بهاءالله " ليس الفخر لحبّكم أنفسكم بل لحبّ أبناء جنسكم". أوليس الجذب والحرارة والعطاء من خصوصيات الحب، وأولا يعكس النجم حبه في طاقته الجاذبية وحرارته وسطوع نوره؟
يتفضل حضرة عبدالبهاء
اي رب ، اهدني، احفظني، واجعل مني سراجا منيرا ونجما بازغا. إنك أنت القوي القدير. ع ع