مشهد من أحد دروس الأطفال البهائية
|
هل أنت على ما يرام؟ هل أنت سعيد؟ كان هذا سؤال يردده حضرة المولى دائماً سمع حضرته أثناء سكنه في مدينة لندن صوت ضحكات عالية قادمة من مطبخ منزله، فنهض من مجلسه وأسرع لمشاركة الضاحكين فرحتهم. تفضل حضرته عند دخوله المطبخ يخاطب الخادم الإيراني ومدبرة البيت الإنجليزية، أنا سعيد جداً لفرحتكم، هل أستطيع معرفة سبب ذلك حتى أشارككم الفرحة؟ أجاب الخادم وهو يعيد ما دار من حديث بينه وبين مدبرة البيت، لقد أخبرتها أن السيدات في مجتمعاتنا الشرقية، يؤدين جميع الأعمال المنزلية كما أنهن يرتدين الخمار على وجوههن عند خروجهن من منازلهن فأجابتني هي ،أما نحن هنا في الغرب، فالسيدات لا يلبسن خماراً، ويجهدن حتى يشاركهن الرجال في أعمالهن المنزلية. ومن الأفضل لك البدء في تنظيف هذه الفضيات الآن. ضحك حضرته من كل قلبه، ثم أهدى كل واحد منهما قطعة ذهبية صغيرة ليزيد من سعادتهما (مواقف و أحداث أمرية،ص89) لا تتعارض تربية الأطفال صوب علو كمالاتهم الأخلاقية مع مشاعر الفرح والسرور بل بالعكس يعتبر كلاهما وجهان لعملة واحدة. غالبا عندما يكبر الأطفال فإن ما يتذكرونه من مراحلهم العمرية المبكّرة هي تلك اللحظات التي حفرت في وجوديتهم مشاعراً مكثفة وعميقة، سواء أكانت سعادة شديدة أو حزنا شديدا. فتخلد آثار هذه اللحظات المتطرفة في ذاكرة الطفل وتكوّن شخصيته في مراحله العمرية اللاحقة. يعتبر سرور القلب من أهم الأسس التي ترتكز عليها الهوية البهائية ، وهذا السرور هو ما يحتاج الطفل إلى أن يملأ به وجوديته المرهفة وهويخطو خطواته الثابتة اتجاه تحديد ملامح كمالات هويته البهائية. يملك الوالدان ومعلموا الأطفال اتجاهين لإختيار منهجيتهم التربوية، فإما أن يغرقوا وجودية الطفل في بحر لا نهائي من الفرح والسرور وهو يتعلم الآيات الإلهية وعند حضوره لدروس الأطفال أو أن يحفروا في ذاكرته مشاعر التعب والملل والحزن. في الحالة الأولى، يندمج السرور مع الكمالات الأخلاقية ويصبح جزءا لا يتجزأ من الهوية البهائية للطفل بينما في الأخرى يكبر الطفل وبحر عميق يفصل بين سروره وكمالاته الأخلاقية. فبالرغم من أنه قد تعلم في طفولته أن سرور قلبه تكمن في كمال تربيته الأخلاقية إلا أنه لا يحمل في ذاكرة طفولته ما يساعده في تعزيز معرفته لهذه الحقيقة. يتفضل حضرة بهاءالله في الْكَلِمَاتُ الْفِرْدَوْسِيَّةُ كَلِمَةُ اللهِ في الوِرْقِ الحَادِي عَشَرَ مِنَ الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى " يَجِبُ عَلَى الْكُلِّ أَنْ يَقْصِدُوا بِسَاطَ الْقُرْبِ بِكَمَالِ الْفَرَحِ وَالنَّشَاطِ وَالسُّرُورِ وَالانْبِسَاطِ." الْكَلِمَاتُ الْفِرْدَوْسِيَّةُ ص 96 |
0 Comments
|
The Birth of a Word | تدل الدراسات والأبحاث العلمية بأن الطفل يحتاج إلى مايقارب 17.000-30.000 كلمة يوميا منذ لحظة ولادته وإلى أن يصل عمره إلى ثلاث سنوات. يبدأ الطفل بتعلم الكلمات ومن ثم يلحقها بتعلم معاني ومضامين هذه الكلمات. ورغم أنه في الشهور الأولى من ولادته يحاول تقليد الكلمات التي يسمعها إلا أن محاولاته تصل إلى آذاننا على أنها مجرد أصوات جميلة وجذابة جدا ولكنها بلا معنى مثل (اغّوغغغ، ببب،مممم). ومع ذلك يستمر الوالدان بالحديث مع طفلهما وترديد الكلمات على أذنيه وبالخصوص كلمتي (ماماماماما) و(بابابابابا) ولذلك لإشتياقهما بأن يسمعانها من شفتيه. وغالبا ما يمضي الوالدان، وبالأخص الأم السنوات الأولى من ولادة الطفل في الإهتمام بتنمية لغته حيث أنها جزء لا تتجزأ من تربيته الإجتماعية وتواصله مع الآخرين والبيئة المحيطة به بالإضافة إلى كونها من إحدى الملكات الأساسية في نموه التكويني للتعبير عن نفسه وعن وجوديته فيتعلم الطفل كلماته وجمله من خلال قائمة الكلمات التي يعايشها ويسمعها في بيئته المحيطة به بالإضافة إلى تلك الكلمات التي يظنها الوالدان مهمة له في هذه المرحلة الإبتدائية من عمره مثل: (ماء، أنا أريد ماء، أنا عطشان، تفاح، أنا جائع، أنا لا أريد، طاولة، كرسي، كلب، قطة، و... الخ). هذه الكلمات والجمل مهمة جدا لنمو الطفل في بيئته المادية والإجتماعية، ولكنها لا تُلبّي إحتياجاته الروحية، يتفضل حضرة عبدالبهاء " إن الآيات هي غذاء الروح وبها يقوى الروح وبدونها يذبل" (گنجينه حدود واحكام، ص150). تعتبر السنوات الأولى من نشأة الطفل مرحلة أساسية ومهمة جدا لتعليمهلغة الآيات والألواح، وتعريفه بكلمات حضرة الباب وحضرة بهاءالله وحضرة عبدالبهاء وحضرة شوقي رباني. يتعلم الطفل كلماته وقدراته الإدراكية والتعبيرية من العالم المادي الفيزيائي الذي يحيط به ومن خلال والديه الذين يجعلان من أنفسهما مرآة تعكس قاموس الكلمات المختصة بهذا العالم بينما يؤدي تلاوة الأدعية والمناجاة والألواح إلى أن يسمع الطفل مباشرة ما يخاطبه به حضرة الباب وحضرة بهاءالله وحضرة عبدالبهاء وحضرة شوقي رباني ويتعلم لغتهم ويدرك معاني كلماتهم. ومن هنا تفضل حضرة ولي الأمر شوقي رباني " أنّه من الأفضل لأمّهات الأطفال البهائيّين... أن يختاروا مقتطفات من الكلمات المقدّسة ليدرسها الأطفال عن تأليف شيء ما لهم"؛ فعند التأليف يتعلم الطفل الكلمات الأرضية التي قد تخاطب عقله وقلبه ومشاعره ولكنها لا تخاطب روحه وحقيقة كينونته الوجودية. وحدها "الكلمات المقدسة" تملك قوة ذاتية لمخاطبة الروح يسعد الوالدين كثيرا عندما يحفظ طفلهما عن ظهر قلب إحدى الأغاني المشهورة التي يعاد ويتكرر إذاعتها على التلفزيون مثل أغنية نانسي عجرم ابن الجيران. عدد الكلمات (الجديدة) التي يتعلمها الطفل من هذه الأغنية هي 95 كلمة، وهي الكلمات التالية ابن الجيران اللى هنا قصادي مش عارفه بس اعمل انا ايه عمال يصفر كده وينادي وفي اي حته يا ناس بلاقيه كان بس ماله ومالي يشغلني ليه علي طول يا بابا باصص عليا ياما بالمرايا خايلني زغلل عيني ومفيش يا عيني حاجه يايديا غير اني احبه واسهر لحبه اعمله ايه وعشان بحبه واداري ليلي ونهاري والشوق في قلبي يا عيني بيقيد في ناري ما انا عارفه انه شاريني وانا قلبي شاري يانا من شقاوته يانا من حلاوته يانا من عينيه ياناس قولوله بطل هزار ليه فى الفرندا عامل حصار كان بس ماله ومالي يشغلني ليه بينما إذا حفظ الطفل مناجاة "قلبا طاهرا" عن ظهر قلب، فسيتعلم 63 كلمة جديدة وهي هذه الكلمات قَلْبًا طاهِرًا فاخْلُقْ فِيَّ يا إِلهي. سِرًّا ساكِنًا جَدِّدْ فِيَّ يا مُنائِي. وبِرُوحِ القُوَّةِ ثَبِّتْنِي عَلَى أَمْرِكَ يا مَحْبُوبِي. وبِنُورِ العَظَمَةِ فَأَشْهِدْنِي عَلى صِراطِكَ يا رَجائِي. وبِسُلطانِ الرِّفْعَةِ إِلى سَمَاءِ قُدْسِكَ عَرِّجْنِي يا أَوَّلِي. وبِأَرياحِ الصَّمَدِيَّةِ فَأَبْهِجْنِي يا آخِرِي. وبنَغَماتِ الأَزَلِيَّةِ فاسْتَرِحْنِي يا مُؤْنِسِي وبِغَنَاءِ طَلْعَتِكَ القَدِيْمَةِ نَجِّنِي عَنْ دُونِكَ يا سَيِّدِي. وبِظُهُورِ كَيْنُونَتِكَ الدَّائِمَةِ بَشِّرْنِي، يا ظَاهِرُ فَوْقَ ظَاهِري والبَاطِنُ دُونَ بَاطِني يستطيع أي والدين مقارنة تأثير 95 كلمة تعلمها طفلهما من أغنية نانسي عجرم مع 63 كلمة تعلمها من مناجاة حضرة بهاءالله، ومع ذلك يكتفي الوالدان في أغلب الأحيان بقراءة الأدعية القصيرة جدا والتي تتكون من خط أو خطين على مسامع طفلهما ويسعدان جدا عندما يحفظها عن ظهر قلب غافلين عن الفراغ الكبير الذي يخلقانه في كيانه. فإن كان الطفل يحتاج إلى أن يسمع إلى 17.000-30.000 كلمة يوميا إذن يمكننا أن نتخيل الحجم الضئيل من الكلمات الإلهية التي يتعرف عليها طفلنا عندما يختاران له دعاءا واحدا قصيرا جدا ليتعلمها ويحفظها. حتى وإن تعلّم الطفل مناجاة حضرة بهاءالله "قلبا طاهرا" عن ظهر قلب، والتي يظن كثير من الوالدين بأنها طويلة ويصعب على طفل صغير تعلمها ، يكون مجموع الكلمات التي يتعلمها 63 كلمة من 17.000. وإن كان هذا هو الدعاء الوحيد الذي يتعلمه الطفل في الثلاث سنوات الأولى من عمره، فإن مجموع الكلمات المقدسة التي يتعلمها هي 63 كلمة من 9 ملايين كلمة A study says that babies should hear at least 9 million words before age 3 |
لولا وجود المربّي لظلّت النّفوس متوحّشة ولولا وجود المعلّم بدا الأطفال وكأنّهم حشرات، وبناءً على ذلك كلّه فإنّ أمر التّعليم والتّربية في هذا الدّور البديع أمر إجباري وليس اختياريًّا وهذا يعني أنّه فُرِض على الوالدين فرضًا بأن يربّيا أبناءهما وبناتهما ويعلّماهم بمنتهى الهمّة ويرضعاهم من ثدي العرفان ويحتضناهم في حضن العلوم والمعارف ففي حال قصورهما بهذا الصّدد فهما مؤاخذان ومدحوران ومذموان لدى الله الغيّور
مكاتيب عبد البهاء، الجزء الأوّل، الصّفحة 404- 406
مكتبة المواضيع
August 2020
May 2020
March 2020
August 2019
July 2019
May 2019
December 2017
October 2017
September 2017
August 2016
February 2016
August 2015
June 2015
May 2015
April 2015
February 2015
December 2014
September 2014
May 2014
February 2014
December 2013
October 2013
September 2013
August 2013